للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٥١ - " بَابُ غَزْوَةِ الْخنْدَقِ "

ــ

عسى أن تغني الشجاعة حين يختبىء الاغتيال في حندس الليل، فيورد صاحبه حتفه، وهكذا شاء القدر (١) أن يستشهد البطل على يد ذلك العبد الحبشي الذي هاب حمزة وهو مجندل على الأرض، فلم يجرأ على الاقتراب " لأخذ حربته منه. ثانياً: أن الإِسلام يجب ما قبله، وأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف التشفي والانتقام وإلّا فقد وقع " وحشي " قاتل عمه بعد فتح الطائف في قبضة يده، فما مد إليه يده بسوء، وما زاد على أن قال له: " فهل تستطع أن تغيب وجهك عني " فلم يثأر منه لعمه حمزة، مع شدة حزنه عليه، لأن الإِسلام يغفر لصاحبه ما قد سلف. ثالثاً: أن المرء لا يلام على شعوره بالاستياء، وعدم الارتياح لمقابلة من أساء إليه، أو إلى أحد أقاربه، لأن ذلك من الانفعالات النفسية الخارجة عن إرادته، وإلا لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني ". الحديث: أخرجه البخاري. والمطابقة: في كون الحديث متضمن لقصة قتل حمزة رضي الله عنه.

٨٥١ - " باب غزوة الخندق "

وقد كانت هذه الغزوة في شوال من السنة الخامسة من الهجرة الموافق لشهر فبراير ٦٢٧ م، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أجلى بني النضير خرج نفر من أشرافهم، منهم حيي بن أخطب إلى مكة يحرضون قريشاً على حرب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووعدوهم بأنهم سيكونون معهم حتى يستأصلوه، وما زالوا بهم حتى وافقوا على محاربته، ثم ذهبوا إلى سليم وغطفان، ودعوهم إلى مشاركتهم في هذه الحرب، وأعلموهم أن قريشاً بايعوهم، فوافقوا، فجهزت قريش أربعة آلاف مقاتل وخرجوا بقيادة أبي سفيان، ووافتهم بنو سليم بمر الظهران بسبعمائة بقيادة سفيان بن عبد شمس، وخرجت بنو أسد وغطفان وفزارة وبنو مُرَّة حتى بلغ المجموع عشرة آلاف


(١) هذه العبارة لا ينبغي أن تقال، وإنما يقال: وهكذا شاء الله تعالى، لأن المشيئة لله وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>