للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدار" أي في ثقب جدار متهدم " وكأنه جمل أورق " أي كأنه في سماره جمل رمادي اللون " فأضعها بين ثدييه " أي فرميته بالحربة فأصبته في صدره بين ثدييه، قال: " ووثب إليه رجل من الأنصار " وهو عبد الله بن زيد " فضربه بالسيف على هامته " أي على رأسه فكانت القاضية عليه.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: بيان مقتل سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وهو عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخوه من الرضاعة، كان رضي الله عنه فارساً عظيماً في الجاهلية والإِسلام (١) وكانت قصة إسلامه مثلاً رائعاً للبطولة الفذة، فقد اعترض أبو جهل النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الصفا وشتمه، ونال منه، فسمع حمزة بذلك، فأقبل نحوه حتى إذا أقام على رأسه ضربه بقوسه، فشجه شجَّةً منكرة، فقام رجال من بني مخزوم يناصرون أبا جهل وقالوا: ما نراك يا حمزة إلاّ قد صبوت، قال حمزة: وما يمنعني وقد استبان لي الحق، أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين، وهكذا تحداهم البطل جميعاً، وجبن أبو جهل فقال: دعوا أبا عمارة، وأسلم حمزة في السنة الثانية من البعثة، ولازم نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشهد بدراً وأبلى في ذلك بلاء عظيماً، وقتل شيبة بن ربيعة وطعيمة ابن عدي، وهو الذي أوغر عليه صدر جبير بن مطعم، وهند بنت عتبة، ودفعهما لأخذ الثأر منه، فأوعز جبير إلى مولاه وحشي بقتل حمزة، ووعده بعتق رقبته مكافأة له على ذلك، فتم أمر الله، ونفذ قضاؤه، فاستشهد البطل على يد ذلك العبد الحبشي، ولم يقتل مواجهة ولا مبارزة، فما كان لوحشي أن ينال من سيد الفوارس شعرة لو واجهه، ولكن حمزة كما قال الدكتور هيكل لم يُصرع كما تصرع (٢) الأبطال، وإنما كما يغتال الكرام في حلك الظلام، وما


(١) " غزوة أحد " لمحمد أحمد باشميل.
(٢) " حياة محمد - صلى الله عليه وسلم - " للدكتور محمد حسين هيكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>