قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأل النَّاسَ حَتَّى يَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْم، وقالَ: إِنَّ الشَّمسَ تَدْنُو يَومَ القِيَامَةِ حتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الأذُنِ، فَبَيْنَما هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ ثُمَّ بِمُوسَى ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -"
ــ
٤٨٠ - " باب من سأل الناس تكثراً "
٥٦٦ - معنى الحديث: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة (١) لحم "، أي ما يزال الرجل المتسول يكثر من التسول ويلحّ في سؤال الناس عن غير عوز وفاقة، وإنما يسأل تكثراً ويذل نفسه ويمتهن كرامته التي أوجب الله عليه صيانتها.
فيغضب الله عليه فيذله ويهينه يوم القيامة كما أذل نفسه في الدنيا، ويفضحه على رؤوس الأشهاد، فيسلخ له وجهه كله، حتى يأتي أمام الناس وليس في وجهه قطعة لحم جزاءً وفاقاً لما فعله في الدنيا من إراقة ماء الوجه، " وقال: إنّ الشمس تدنو يوم القيامة " أي تقترب من رؤوس العباد، ويشتد حرها، فيعرقون " حتى ييلغ العرق نصف الأذُن " فإذا وقع ذلك كان أذاها لمن لا لحم في وجهه أشد وألمها أقوى وأعظم، كما أفاده القسطلاني، " فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد " أي ذهبوا إلى الأنبياء السابقين من آدم إلى نوح إلى عيسى يلتمسون منهم الشفاعة لفصل القضاء، فلم يشفعوا لهم، فذهبوا إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فشفّعه الله في خلقه.