والوكالة والكفالة وغيرها لضبط تصرفات الناس في هذه الحياة على وجه يضمن لهم الأمن والاستقرار والسعادة الحقيقية. ولو دققنا النظر في هذه الأحكام من الناحية النفسية والاجتماعية والسياسية لوجدنا فيها كل ضمان للملكية الفردية السليمة والحرية الشخصية الصحيحة فإن كل أحكام المعاملات في الإسلام قائمة على عدم أكل أموال الناس بالباطل ولا شك أن في مقدمة ذلك أَبواب المعاملات " البيوع وما يتعلق بها " وقد عُني الإسلام بالبيع ووضع له الشروط والأحكام لتحقيق الكسب الحلال والحيلولة دون أكل أموال الناس بالباطل، وحماية الإِنسان من أكل الحرام، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: " أفضل أنواع الكسب البيع المبرور، وعمل اليد " ولا يكون البيع مبروراً إلاّ إذا كان بيعاً شرعياً صحيحاً. قال القاري: والكسب بقدر الكفاية واجب لنفسه وعياله عند عامة العلماء، وما زاد عليه فهو مباح، وإنما عني الإِسلام بالبيع لحاجة الناس إليه، فالبيع والنكاح كما قال ابن العربي المالكي: عقدان يتعلق بهما قوام العالم، لأن الله خلق الإِنسان محتاجاً إلى الغذاء مفتقراً إلى النساء، وخلق له ما في الأرض جميعاً، ولم يتركه له سدى يتصرف باختياره كيف يشاء، فيجب على كل مكلف أن يتعلم ما يحتاج إليه، وأن لا يفعل شيئاً حتى يعلم حكم الله فيه. وقول بعضهم: يكفي ربع العبادات ليس بشيء إذ لا يخلو مكلف من بيع وشراء. والبيع لغة: تمليك المال بالمال مطلقاً، سواء كان مبادلة سلعة بنقد، أو سلعة بسلعة، ويقال لأحد البدلين مبيع وللثاني ثمن، أما الشراء فهو تملك المال بالمال. أما البيع شرعاً فهو مبادلة مال بمال على سبيل التراضي، ووجه التأبيد، والمراد بالمال: المال الذي له قيه: شرعية، وهو المال الحلال الذي ينتفع به شرعاً، فيخرج بذلك المال الحرام كالخمر مثلاً، فإن مبادلته بالنقد لا يسمى بيعاً، وكذلك يُقالُ في الحشرات التي لا ينتفع بها، والمراد بقولهم على سبيل التراضي أن تكون المبادلة برضا الطرفين فيخرج بذلك كل مبادلة بالإكراه، فإنها لا تسمى بيعاً، ويخرج بقولهم على وجه التأبيد الإِيجار،