معنى الحديث: أن من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر عن فتح اليمن، وقد فتحت في آخر حياته كما أخبر عن فتح الشام والعراق وقد فتح بعضها في عهد الصديق، وبعضها في خلافة الفاروق، ثمَّ أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا فتحت هذه البلدان يترك بعض الناس المدينة، ويسارعون في الذهاب إليها لخصبها ورخائها، وكثرة خيراتها وثرواتها، طمعاً في الدنيا، ورغبة في لذاتها، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فيأتي قوم ييسون " بفتح الياء وضم الباء وتشديد السين أي يسوقون إبلهم ويسرعون في الذهاب إليها، " فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم " أي فينتقلون إلى اليمن أو الشام أو غيرها بأهليهم ومن اتبعهم من أصحابهم " والمدينه خير لهم لو كانوا يطمون " أي لو كان لديهم شيء من العلم الصحيح، والإِدراك السليم، لعلموا أن طيبة الطيبة خير لهم من تلك البلاد التي انتقلوا إليها لما يتوفر فيها من الخيرات الدنيوية والأخروية التي لا توجد في غيرها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على التحذير من ترك المدينة والانتقال إلى غيرها لمجرد هوى النفس وأن من تركها زهداً فيها فإنه يخسر الحياة الطيبة التي كان - يعيشها ولا يجد مثلها في البلاد التي انتفل إليها لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: " والمدينة خير لهم " أمّا المدينة فسيبدلها الله خيراً منه كما في الحديث " لا يخرج أحد رَغْبَةً عنها إلاّ أخلف الله فيها خيراً منه " فإذا كان الخروج لغرض ديني أو عذر شرعي فإنه غير مذموم لأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا في الأمصار.