عظيمين وجعل على أبوابها ومداخلها ملائكة يحرسونها ويمنعون عنها الدجال والطاعون، على كل باب ملكان، كما في حديث أبي بكرة حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: " لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان " أخرجه البخاري. فالدجال لا يدخل مكة ولا المدينة لأنّها محرمة عليه، ممنوعة عنه، ويدخل سائر المدن الأخرى سواهما كما في حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ليس من بلد إلاّ سيطؤه الدجال إلاّ مكة والمدينة " أخرجه الشيخان والنسائي، ولكنه يصل إلى ضواحي المدينة، وينزل ببعض السباخ التي بها كما في حديث أبي سعيد حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: " فينزل ببعض السباخ التي بالمدينة " أخرجه الشيخان، وفي بعض الروايات:" ينزل في هذه السبخة التي بِمَمَرِّ قناة "، أخرجه أحمد، وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب إلى مجتمع السيول، وقال:" هذا منزله " ويقع مجتمع السيول هذا في الشمال الغربي من المدينة ". الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: على أن المدينة محروسة محفوظة من الدجال والطاعون معاً لهذا الحديث، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي بكرة " لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال " فإذا كانت في مأمن من إرهابه والخوف منه، فهي في مأمن من دخوله من باب أولى، لأن الملائكة يقفون على مداخلها فيمنعونها عنه، ويحرسونها منه كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " على أنقاب المدينة ملائكة ". ومعنى ذلك أن حدود المدينة كلها محاطة بسور منيع من الملائكة، فلا يتجاوزها الرجال، ولهذا جاء في الأخبار الصحيحة أنه ينزل في السبخة التي تجتمع بها السيول في الشمال الغربي من المدينة، فإذا وصل إلى هناك وقع زلزال بالمدينة، وخرج إليه المنافقون منها، كما في حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال: " ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل كافر ومنافق " أخرجه الشيخان والنسائي، ويقيض الله للاسلام في ذلك الموقف الخطر، وتلك الظروف الصعبة من يناضل عن الدين، ويقف