اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ من أجْلِي، الصيامُ لي وَأَنَا أُجْزِي بِهِ، والْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا".
ــ
على وقاية نفسه من مباشرة النساء، وصيانة لسانه من اللغو والفحش فقال: " فلا يرفث " أي لا يباشر النساء ولا يتلفظ بالكلمات القبيحة " وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم " أي فإن تعرض له أحد بالإِساءة فضاربه أو خاصمه أو شتمه فليقل في نفسه إني صائم وليكف عن مجاراته في انتهاك حرمة الصوم، فإن دفعته نفسه للرد عليه فليقل في نفسه مرة أخرى إني صائم، ثم أقسم - صلى الله عليه وسلم - بربه الذي روحه بيده على أن خلوف الصائم وتغير رائحة فمه أجمل رائحة عند الله من رائحة المسك الذي هو أطيب الطيب " يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي " يعني يقول الله تعالى: إن هذا الصائم ترك شهوة بطنه وفرجه طاعة لي وامتثالاً لأمري " الصيام لي "، أي الصيام أخلص العبادات لي وأبعدها عن الرياء والسمعة " وأنا أجزي به " أي ولذلك فإني أجزي عليه من الأجر والمثوبة ما لا أجزي على غيره، أو أتولى المثوبة عليه بنفسي، قال الشرقاوي: وقد علم أن الكريم إذا تولّى الإِعطاء بنفسه كان ذلك إشارة إلى عظم العطاء " والحسنة بعشر أمثالها " أي وإذا كات الجزاء على الحسنات العادية الحسنة بعشر أمثالها، فما بالك بالصوم الذي تولى الله بنفسه الجزاء عليه فإنه يجزي عليه بغير حساب. قال الزرقاني قوله: وأنا أجزي به " أي بلا عدد ولا حساب، كقوله تعالى:(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ). الحديث: أخرجه الستة بألفاظ متعددة. والمطابقة: في كون الحديث دليلاً عليها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: فضائل الصوم ومزاياه فمن فضائله إصلاح الغريزة، وترويضها على الوقوف عند حدود