فجعَلْتُ أنْظُرُ في اللَّيْلِ، فَلا يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:" إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ ".
ــ
ظننت أن المراد بالخيط الأبيض والأسود معناهما الحقيقي، وأن المقصود بهما حبلان أحدهما أبيض والثاني أسود، وفهمت من الآية أن المسلم لا يزال مفطراً يأكل ويشرب حتى يتجلى النهار، ويظهر له الحبل الأبيض من الحبل الأسود، فأحضرت الحبلين، ووضعتهما تحت وسادتي لأتعرّف منهما على أوّل وقت الصيام، " فجعلت أنظر في الليل " أي فلما طلع الفجر صرت أنظر في الحبلين فلا أميز الأبيض من الأسود، وهو معنى قوله:" فلا يستبين لي " أي لا أعرف هذا من هذا، " فغدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فذكرت له ذلك فقال: إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار " أي ليس المقصود بالخيط الأبيض والخيط الأسود حقيقتهما ومعناهما الظاهرى، وإنما المقصود بالخيط الأسود سواد الليل، وبالخيط الأبيض بياض النهار، ونوره وضياؤه، وفي رواية ابن جرير (١) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: " إذا جاء رمضان فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال ففتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما عند الفجر، فرأيتهما سواء، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظت غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود، قال: وما منعك يا حاتم، وتبسم، كأنه قد علم ما فعلت، قلت: فتلت خيطين من أبيض وأسود، فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رؤي نواجذه، ثم قال: ألم أقل لك من الفجر إنما هو ضوء النهار وظلمة الليل. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي. والمطابقة: في كون الحديث تفسيراً للآية.