للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي ما يحتوي عليه هذا البيع من الضرر والمخاطرة، لأنها قد تتلف الثمرة فيخسر المشتري، فيؤدي ذلك إلي أكل أموال الناس بالباطل لاحتمال حدوث العاهة قبل أخذها " فقال - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه " " والمعنى " أنه إنما نهى - صلى الله عليه وسلم - عن هذا البيع لأنه لا ينبغي لأحد أن يأخذ مال أخيه باطلاً، وبيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها قد يؤدي إلى ذلك، لأنه إذا تلفت الثمرة لا يبقى للمشتري في مقابل ما دفعه شيء. قال القسطلاني: واختلف في هذه الجملة هل هي مرفوعة (١) أو موقوفة فصرح مالك بالرفع، حيث قال في " الموطأ ": وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه " وقال الدارقطني: خالف مالكاً جماعة، منهم ابن المبارك يعني فقالوا إنها موقوفة على أنس رضي الله عنه، قال الحافظ: وليس في رواية الذي وقفه ما ينفي قولَ من رفعه. الحديث: أخرجه الشيخان.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: تحريم بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه والحديث صريح في ثمار النخل، حيث نهى عن بيعها حتى تزهي أي حتى تحمرّ أو تصفرّ، ويتم نضجها، ويظهر صلاحها، وكذلك الحكم في بيع العنب والحبوب، لما جاء في حديث أنس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العنب حتى يسودّ، وعن بيع الحب حتى يشتد " أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة. ويعرف صلاح البلح بالاحمرار والاصفرار وصلاح العنب بظهور الماء الحلو اللين والسواد في بعضه والاصفرار في البعض الآخر، وصلاح الحبوب ببياضها واشتدادها وصلاح الفواكه بطيب الأكل، قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، كرهوا بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، قال الزرقاني: وبه قال الجمهور:


(١) أي اختلفوا هل هي مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أنها موقوفة على أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>