ما أعْلَمُ مِنْهُ، فعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَك عَنْ فُلَان، فواللهِ إنِّي لأرَاهُ مُؤمِنَاً، فقالَ:" أوْ مُسْلِماً " فَسَكَتُّ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي ما أعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ:" يَا سَعْدُ إنِّي لأعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُه أحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أنْ يَكُبَّهُ اللهُ في النَّارِ ".
ــ
سعد أن تصفه بالإِسلام، لتكون صادقاً بارَّاً بقسمك في جميع الأحوال، فإن كان مؤمناً حقاً صدق عليه اسم الإِسلام، لأن كل مؤمن مسلم، وإن كان غير مؤمن حقاً صدق عليه اسم الإسلام، باعتبار أن الحكم على ظاهره، والله يتولى السرائر أما إذا وصفته بالإِيمان، وكان إسلامه على غير الحقيقة، أي بلسانه فقط فقد كذبت في وصفك، وحنثت في يمينك " فسكت قليلاً ثم غلبني ما أعلم منه " من الإِيمان والصلاح " فعدت لمقالتي، فقلت: مالك عن فلان، فوالله إني لأراه مؤمناً فقال: أو مسلماً. فسكت قليلاً ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي، وعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ومعناه أن سعداً أعاد سؤاله ثلاث مرات وكان - صلى الله عليه وسلم - يجيبه في كل مرة بقوله:" أوْ مسلماً " أي لو قلت إني لأراه مسلماً لكان أفضل " ثم قال: يا سعد إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار " أي ثم خاف النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون سعد قد أساء الظن بهذا الرجل، وشك في إيمانه بسبب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُعْطِهِ، فقال له: لا تظن أنني لم أعطه لضعف إيمانه، لأنني قد أدع الرجل القوي الإِيمان، فلا أعطيه شيئاً ثقة بإيمانه ويقينه، وأعطي الرجل الضعيف الإِيمان تأليفاً له، لئلا يرتد فيقع في النار. والمطابقة: في قوله " أوْ مسلماً " حيث نهاه عن القطع بإيمانه، لأنه قد يكون إسلامه على غير الحقيقة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن الإِسلام قد يكون على الحقيقة وذلك إذا كان باللسان والقلب معاً، والظاهر والباطن جميعاً فيكون إسلاماً وإيماناً.