" أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، ومَهْرِ البَغِيِّ، وحُلْوَانِ الْكَاهِنَ ".
ــ
الأول: أنه - صلى الله عليه وسلم - " نهى عن ثمن الكلب " أي عن بيع الكلب، وأخذ ثمنه مطلقاً، سواء كان معلَّماً على الصيد أو غير معلّم، أو كان مما يجوز اقتناؤه مثل كلب الماشية والحرث، أو مما لا يجوز اقتناؤه. الثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن " مهر البغي " وهو الثمن الذي تتقاضاه الزانية مقابل تسليم نفسها للرجل الأجنبي وسماه مهراً مجازاً. الثالث: أنه نهى - صلى الله عليه وسلم - عن " حلوان الكاهن " وهو ما يأخذه الكاهن أو الكاهنة مقابل تنبأهما بالغيب. والكاهن الذي يدعي علم الغيب، ويخبر الناس بزعمه عن الكائنات الغيبية والأشياء المستقبلية، وهو شامل لكل من يدعي ذلك من منجم وضراب بالحصا ونحوه، وسمّى ما يتقاضاه الكاهن حلواناً تشبيهاً بالشيء الحلو، لأنه يؤخذ سهلاً بلا كلفة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على تحريم هذه الأشياء الثلاثة المذكورة، وقد أجمع العلماء على تحريم مهر البغي، ثم اختلفوا فيما يصنع فيه، واختار ابن القيم أنه يجب التصدق به، ولا يرد إلى الدافع، لأنه دفعه باختياره في مقابل عوض لا يمكن استرجاعه، فهو كسب خبيث يجب التصدق به، ولا يعان صاحب المعصية بحصول غرضه، ورجوع ماله. وأجمعوا أيضاًً على تحريم حلوان الكاهن وأنه لا يحل له ما يأخذه، ولا يحل لأحد تصديقه.
أما بيع الكلب وأخذ ثمنه فإن ظاهر الحديث يدل على تحريم بيعه وأكل ثمنه مطلقاً، مأذوناً فيه أو غير مأذون، وهو مذهب أحمد والشافعي والأوزاعي وداود، وعلة تحريم بيعه نجاسته: وجوّز أبو حنيفة بيع الكلب الذي فيه منفعة، وعن مالك ثلاث روايات: الأولى: لا يجوز، وتجب القيمة، والثانية: يجوز بيع ما فيه منفعة: والثالث كالجمهور. الحديث: أخرجه الستة.