وجوده بينهن في نُصْحِهنَّ ووعظهن وتحذيرهن عن بعض المساوىء التي يغلب صدورها منهن، فكان أوّل ما بدأ حديثه أن " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريت النار " أي أطلعني الله تعالى على النار وكشف لي عنها، فرأيتها ببصري رأي العين " فإذا أكثر أهلها النساء " أي فلما نظرت إليها، وشاهدت من فيها من البشر، فوجئت بأن أكثر أهلها النساء، " يكفرن " أي فلما ذكر - صلى الله عليه وسلم - أن أكثر أهل النار من النساء، قالت إحداهن: ولم يا رسول الله؟ فأجابها - صلى الله عليه وسلم - بقوله " يكفرن " أي إنما كن أكثر أهل النار لأنّهن يكفرن، ولم يبين - صلى الله عليه وسلم - يكفرن بماذا لتذهب أفكارهن كل مذهب، ويشتد خوفهن، وتتطلع نفوسهن لمعرفة هذا الكفر الذي وصفهن به النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تم للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما أراد، فلم يكد ينطق بهذه الكلمة حتى " قيل أيكفرن بالله " أي قالت إحداهن أيكفرن بالله؟ " قال: يكفرن العشير " أي ينكرن نعمة الزوج وإحسانه إليهن " لو أحسنت إلى إحداهن الدهر " أي العمر كله " ثم رأت منك شيئاً " واحداً مما تكره " قالت: ما رأيت منك خيراً قط " أي ما وجدت منك شيئاً ينفعني أو يسرني طيلة حياتي كلها.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن نكران الجميل من الكبائر كما أفاده النووي، ولولا ذلك لما ترتب عليه هذا الوعيد الشديد، وقد جاء في الحديث " إذا قالت المرأة لزوجها ما رأيت منك خيراً قط فقد حبط عملها " أخرجه ابن عدي وابن عساكر ولكنه حديث ضعيف كما رمز له السيوطي، وذلك لأن في سنده يوسف التميمي، ولا يحل الاحتجاج به كما أفاده المناوي. ثانياً: أن هناك كفراً دون كفر، ومعناه أن الكفر نوعان، كفر يخرج عن الملة، وهو الكفر الاعتقادي، وكفر لا يخرج وهو العملي كجحود نعمة الزوج مثلاً.