للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا ينبغي له أن يرفضها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع " أي فليقبل هذه الحوالة، هو أمر بقبول الحوالة، والأمر للوجوب عند الظاهرية، وحمله الجمهور على الندب والاستحباب، فقالوا: لا يجب على المحال قبول الحوالة، وإنما يستحب له ذلك فقط خلافاً للظاهرية، ومن ثم اختلفوا هل يعتبر في الحوالة رضا الشخص المحال أو لا يعتبر، قال في " الإِفصاح " (١) اختلفوا إذا لم يرض المحال، فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: يعتبر رضاه، عن أحمد روايتان، والحديث بظاهره حجة لمن يقول لا يعتبر رضاه، وهو مذهب الظاهرية وأبي ثور وابن جرير وأحمد في رواية، حيث إن الأصل في الأمر الوجوب. ثالثاً: أن المحال إذا لم يتمكن من أخذ حقه من المحال عليه لسبب ما كالفلس مثلاً، فإنه لا يرجع على المحيل، وهو مذهب أكثر أهل العلم، لأن قوله " فليتبع " معناه قبول الحوالة ندباً، أو وجوباً، والحوالة عقد لازم يجب الالتزام به مهما تغيرت الظروف والأحوال فليس من حق المحال أن يرجع على المحيل بحال من الأحوال. قال ابن رشد: فإن جمهور العلماء أنه إذا أفلس المحال عليه لم يرجع صاحب الدين على المحيل بشيء (٢). اهـ. وهو ما ترجم له البخاري بقوله: " وهل يرجع في الحوالة. الحديث: أخرجه الستة. والمطابقة: في كون الحديث دليلاً عليها.


(١) " الإفصاح " ج ١.
(٢) وقال أحمد: يرجع عليه إذا لم يعلم بإفلاس المحال عليه، وقال مالك: يرجع عليه إذا علم المحيل بإفلاس المحال عليه أو لم يعلمه، كما أفاده في " فتح الباري ". وقال ابن قدامة: متى رضي بها المحال ولم يشترط اليسار لم يعد الحق إلى المحيل أبداً، سواء أمكن استيفاء الحق أو تعذر لمطل أو مفلس، وهذا ظاهر كلام الخرقي وبه قال الليث والشافعي وأبو عبيد، وعن أحمد ما يدل على أنّه إذا كان المحال عليه مفلساً ولم يعلم المحال بذلك، فله الرجوع إلاّ أن يرضى بعد العلم. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>