قالوا: عليه دين مقداره ثلاثة دنانير فتوقف عن الصلاة عليه، وأمرهم أن يصلوا عليه، " قال أبو قتادة صلِّ عليه يا رسول الله وعليَّ دينه " يعني فتكفل أبو قتادة بتسديد ذلك الدين الذي عليه " فصلى عليه " النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك. الحديث: أخرجه أيضاًً النسائي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: التحذير من الدين، والتوقي منه، والإِسراع في تسديده، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على من ترك ديناً لم يترك سداده، لتعلق حق الناس بذمته، قال الصنعاني: ويدل هذا الحديث على شدة أمر الدين، فإنه - صلى الله عليه وسلم - ترك الصلاة عليه لأنها شفاعة، وشفاعته مقبولة لا ترد، والدين لا يسقط إلا بالتأدية. وقال البيضاوي: لعله امتنع عن الصلاة على المدين الذي لم يترك وفاءً تحذيراً عن الدين، وزجراً عن المماطلة، وكراهة أن يوقف دعاؤه عن الإِجابة بسبب ما عليه من مظلمة الخلق. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - في أوّل هجرته وقبل فتح الفتوحات لا يصلي على المدين، فلما كثرت الفتوحات، وزاد: رأس المال الإسلامي، وتضاعف الدخل العام، تحمّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديون هؤلاء، فقال - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي هريرة، " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم " فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته " أخرجه البخاري ولهذا قال بعض أهل العلم: يجب على الإمام أن يقضي من بيت المال دين الفقراء اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه - صلى الله عليه وسلم - صرح بوجوب ذلك عليه في قوله " فعليّ قضاؤه ". اهـ. كما أفاده العيني. ثانياًً: جواز الحوالة في دين الميت، وأن الوارث إذا أحال دين الميت على غني، وقبل هذه الإحالة، صحت الحوالة شرعاً، وهو ما ترجم له البخاري واستدل عليه بحديث الباب، مع أنّه في الضمان والكفالة لا في الحوالة لتقاربهما، لأنهما ينتظمان في كون كل منهما نقل ذمة إلى ذمة أخرى، وقال أبو ثور: الكفالة والحوالة سواء، وكلاهما ينقل الحق عن ذمة المضمون عنه والمحيل، وحكي