رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحبِ الْحَقِّ مقَالاً "، ثُمَّ قَالَ:" أعْطُوهُ سِنَّاً مِثْلَ سِنِّهِ، قَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لا نَجِدُ إلَّا أمثَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: أعْطُوهُ، فَإِنَّ خَيْركم أحْسَنُكُمْ قَضَاءً ".
ــ
في مقاله واستعمل بعض العبارات الجافة، والكلمات القاسية، إما لكونه كان يهودياً، أو لأنه كان جافاً بطبعه دون أن يقصد الإِساءة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" فهمّ به أصحابه " أي أرادوا الانتقام من هذا الرجل ولكنهم منعوا أنفسهم أدباً معه - صلى الله عليه وسلم -، " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوه، فإن لصاحب الحق مقالاً " أي اتركوه، ولا تتعرضوا له بشيء، فإن الله قد جعل لصاحب الحق -سواء كان دائناً أو مؤجراً أو أجيراً- الحق في المطالبة بحقه شريطة عدم التعدي على غيره، " ثم قال: أعطوه سناً مثل سنه " أي ثم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض الصحابة أن يعطيه بعيراً من إبل الصدقة مساوياً لبعيره في السن " قالوا: يا رسول الله إنا لا نجد إلا أمثل من سنه " أي لم نجد إلاّ بعيراً أكبر من بعيره " قال أعطوه " أي أعطوه بعيراً أكبر من بعيره، وسددوا له الدين بأفضل منه، وأكثر قيمة، " فإن خيركم أحسنكم قضاء " أي فإن أفضلكم في معاملة الناس، وأكثركم ثواباً أحسنكم قضاءً للحقوق التي عليه ديناً أو غيره.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: جواز التوكيل في قضاء الدين وهو ما ترجم له البخاري، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكّل بعض الصحابة وهو أبو رافع أن ينوب عنه في قضاء الدين الذي عليه، بإعطاء الدائن بعيراً أمثل من بعيره من إبل الصدقة، كما يدل عليه حديث الباب. وعن أبي رافع رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استلف من رجل بكراً " بفتح الباء وسكون الكاف " أي بعيراً صغيراً فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بَكْرَةً قال: لا أجد إلا خيارًا رباعياً "بفتح الراء، وهو