للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنفعة أحبه ورضي عنه، وإلا كرهه ونقم عليه. والصنف الثالث: " رجل أقام سلعته بعد العصر، فقال: والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدقه رجل " أي رجل عرض سلعته وبضاعته للبيع بعد صلاة العصر، فأقسم بالله كذباً أنه اشتراها بسعر كذا ليروجها بأيمانه الكاذبة " ثم قرأ: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا) " أي إن الذين ينقضون العهد ويحلفون الأيمان الكاذبة لكي ينالوا بذلك عوضاً يسيراً من حطام الدنيا من مال أو مركز أو جاه (أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ) أي لا نصيب لهم من نعيمها (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ) بما يسرهم (وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) نظر رحمة (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي شديد الإِيلام والإِيجاع لهم وإنما تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية ليستدل بها، على أن الذين ينفقون سلعهم، ويروجون تجارتهم بالأيمان الكاذبة داخلون في هذا الوعيد الشديد ضمن الأصناف الثلاثة المذكورة.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه يحرم على صاحب الماء أن يمنع ما زاد عن حاجته عن المسافر، لأن هذا الوعيد الشديد المذكور في الحديث لا يترتب إلّا على ارتكاب محرم، وفيه حجة لمالك على أنّه لا يجوز منع فضل الماء عن كل من يحتاج إليه. سواء كان إنساناً أو ماشية أو زرعاً كما يقول: ثانياًً: وجوب السمع والطاعة لولي الأمر فيما أحبه المسلم أو كرهه من أمور الدنيا. ثالثاً: تحريم الأيمان الكاذبة والوعيد الشديد عليها.

الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي بألفاظ متعددة. والمطابقة: في كون الحديث دليلاً على الترجمة حيث عدَّ - صلى الله عليه وسلم - من الأصناف الثلاثة المحرومين من رحمة الله وغفرانه رجلاً له فضل ماء بالطريق فمنعه ابن السبيل، وهذا الوعيد لا يترتب إلا على من ارتكب إثماً ومعصية، وهو ما ترجم له البخاري.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>