إلى المدينة ذهبت إليه بالبعير صباحاً، فأعطاني ثمنه، وفي رواية: فاشتراه مني بأوقية وهي أربعون درهماً، وفي رواية أخرى:" بأربعة دنانير " وفي رواية أخرى قال: " قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلي وقدمت بالغداة -أي صباحاً- فجئنا إلى المسجد، فوجدته على باب المسجد قال: الآن قدمت؟ قلت: نعم، قال: فدع جملك وادخل فدخلت، وصليت، فأمر بلالاً أن يزن لي فوزن بلال فأرجح لي في الميزان، فانطلقت حتى وليت، فقال: ادعو لي جابراً، فقلت: الآن يردّ علي الجمل ولم يكن شيء أبغض إلي منه، قال: خذ جملك ولك ثمنه ".
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: جواز الشراء بالدين، وقد أجمعوا على جوازه لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ). ثانياًًً: مشروعية الدين عامة سواء كان في البيوع أو ديناً خالصاً - إذا كان مستوفياً لشروطه الشرعية، ولم يكن في الأشياء الربوية، كالصرف، أو بيع التمر بالشعير نسيئة، أو كان قرضاً جرَّ نفعاً، فإنه لا يجوز. ثالثاً: استدل به الإِمام أحمد على جواز بيع دابة يشترط البائع (١) ركوبها لنفسه إلى موضع معلوم، وأجازه مالك بشرط أن تكون المسافة قريبة، وقالت الشافعية والحنفية: لا يصح، سواء بعدت المسافة، أو قربت، لحديث النهي عن بيع وشرط، وأجابوا عن حديث الباب بأنه واقعة عين يتطرق إليها الاحتمال، والدليل إذا طرقه الاحتمال بطل به الاستدلال.
الحديث: أخرجه الخمسة غير ابن ماجة. والمطابقة: في كونه - صلى الله عليه وسلم - اشترى بعير جابر بالدّين.
(١) واختلف العلماء: هل يجوز للبائع أن يشترط نفعاً معلوماً في المبيع؟ كسكنى الدار المبيعة شهراً، فذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم صحة العقد والشرط، وذهب أحمد إلى جواز شرط واحد فقط. اهـ. كما في " تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ".