للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا نُقُّوا وهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، فوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ في الْجَنَّةِ أدلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ في الدُّنيا".

ــ

(بالصاد) أي فيقتص المظلوم من حسنات الظالم بقدر المظلمة التي أصابته منه، وفي رواية " فيتقاضون " (بالضاد) أي فيتحاكمون في هذه المظالم إلى رب العزة والجلال " حتى إذا نقوا وهذبوا أُذن لهم بدخول الجنة " أي فإذا طُهّروا وتخلصوا من حقوق الناس أدخلوا الجنة " فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدل بمنزله كان في الدنيا " أي أن أهل الجنة أعرف بمنازلهم فيها من أهل الدنيا بمنازلهم. الحديث: أخرجه البخاري وأحمد.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: التحذير الشديد من ارتكاب المظالم والتعدي على حقوق الآخرين سواء كانت بدنية أو مالية أو أخلاقية أو غيرها، لأن المظلوم يوم القيامة يأخذ من حسنات ظالمه، حتى يستوفي حقّه منه، وإذا كان هذا الحديث قد دل على أن القصاص في الحقوق والمقاضاة فيها تكون بعد المرور على الصراط فقد أكد المحققون على أن هذا القصاص الذي بعد الصراط إنما هو في المظالم الخفيفة، فذكر ابن بطال بأنه يختصُّ بالذين لا تستغرق مظالمهم حسناتهم، لأنهم لو استغرقت مظالمهم حسناتهم لما جاز أن يقال فيهم خلصوا من النار. إذن فهؤلاء الذين يحاكمون في حقوق العباد بعد الصراط هم الذين عليهم تبعات يسيرة، ولكل واحد منهم على أخيه مظلمة، وله مظلمة، ولم يكن في شيء منه ما يستحق النار.

فالجميع يدخلون الجنة إلاّ أنهم يتفاوتون في المنازل. ثانياًًً: أن أهل الجنة يعرفون منازلهم أكثر من معرفة أهل الدنيا بمنازلهم. والمطابقة: في قوله " فيتقاصون مظالم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>