جِدَارِهِ"، ثُمَّ قَالَ أبو هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ: ما لي أراكُمْ عنهَا مُعْرِضينَ، واللهِ لأرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أكتَافِكُمْ.
ــ
بناء أن يمنع جاره الملاصق لداره من أن يغرز خشبة في جداره وعلى أن " لا " جازمة، يكون معناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ينهى كل مسلم له بناء أن يمنع جاره من غرز خشبة في جداره، هكذا روى أبو هريرة هذا الحديث. وفي رواية أخرى عن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا استأذن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه، قال: فلما حدث أبو هريرة طأطأوا رؤوسهم " أي نكسوا رؤوسهم " فقال: ما في أراكم عنها معرضين، والله لأرمينّ بها بين أكتافكم، أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب " ثم قال أبو هريرة رضي الله عنه: ما لي أراكم عنها معرضين " أي ما لي أراكم منصرفين عن سماع مقالتي هذه، أو معرضين عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما وجّه إليهم هذه الملامة حين طأطأوا رؤوسهم ثم اشتد عليهم بكلامه فقال:" والله لأرمين بها بين أكتافكم "، أي لأشيعن (١) هذه المقالة فيكم ولأقرّعنكم بها كما يُضْرَب الإِنسانُ بالشيء بين كتفيه ليستيقظ من غفلته. وقال الخطابي: معناه إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لأجعلن الخشبة على رقابكم كارهين.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على أن من حق الجار أن يمد خشبة في الجدار، ولهذا قال أحمد والشافعي وإسحاق: يجب عليه أن يمكنه من ذلك عند احتياجه، وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي في الجديد يستحب له ذلك.
الحديث: أخرجه الشيخان والجماعة عدا النسائي. والمطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.