للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية الدفاع عن المال ومقاتلة من يريد اغتصابه أو سرقته، لأن ذلك حق مشروع في جميع الأديان السماوية، إلا أنه يبدأ بالمدافعة عنه دفاعاً خفيفاً، فإن رجع عنه فبها وإلا دافعه بالأشد فالأشد حتى يصل ذلك إلى درجة المقاتلة، فإن قُتِلَ المعْتدي من غاصب أو سارق فدمه هدر، وإن قتل المعتدى عليه فهو شهيد. قال الشوكاني: وأحاديث الباب فيها دليل على أنها تجوز مقاتلة من أراد أخذ مال إنسان من غير فرق بين القليل أو الكثير إذا كان الأخذ بغير حق، وهو مذهب الجمهور كما حكاه النووي والحافظ في الفتح، وقال بعض العلماء: إن المقاتلة واجبة، وقال بعض المالكية: لا تجوز إذا طلب الشيء الخفيف، ولعل مستمسك من قال بالوجوب ما في حديث أبي هريرة من الأمر بالمقاتلة كما في رواية مسلم. وأما القائل (١) بعدكم الجواز في الشيء الخفيف فعموم أحاديث الباب ترده، ولكنه ينبغي تقديم الأخف فالأخف فلا يعدل المدافع إلى القتل مع إمكان الدفع بدونه. ويدل على ذلك أمره - صلى الله عليه وسلم -كما في رواية أحمد- بانشاد الله قبل المقاتلة، وحكى ابن المنذر عن الشافعي أنه قال: من أريد ماله أو نفسه أو حريمه فله المقاتلة وليس عليه عقل ولا دية، ولا كفارة، وقال أبو حنيفة في رجل خرج (٢) بالسرقة فاتبعه الرجل فقتله فلا شيء عليه. قال ابن المنذر: والذي عليه أهل العلم أن للرجل يدفع عما ذكر إذا أريد ظلماً بغير تفصيل، إلا أن كل من يحفظ عنه من علماء الحديث أجمعوا على استثناء السلطان للآثار الواردة في الأمر بالصبر على جوره، وترك القيام عليه. اهـ. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي. والمطابقة: في قوله " من قتل دون ماله فهو شهيد " لأن تقدير الترجمة "من


(١) " تحفة الأحوذي " ج ٤.
(٢) " شرح العيني على البخاري " ج ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>