رضي الله عنهما قال: تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء أبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشهده على صدقته، فقال:" أكل ولدك أعطيت مثله "، قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " قال فرجع أبي فردّ تلك الصدقة، وفي لفظ " فاردده " وفي لفظ " فارجعه " وفي لفظ " لا نشهد على جور " وفي لفظ " سوِّ بينهم " وهو حديث صحيح متفق عليه، وفيه دليل على التحريم، لأنّه سماه جوراً وأمر بردّه وامتنع عن الشهادة عليه، والجور حرام، والأمر يقتضى الوجوب - وتفضيل بعضهم على بعض يورث العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم، فمنع منه كتزوج المرأة على عمتها أو خالتها، وفعل أبي بكر لا يعارض قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يحتجُّ به معه، ويحتمل أنّ أبا بكر رضي الله عنه خصها بعطية لحاجتها وعجزها عن الكسب والتسبب فيه مع اختصاصها بفضلها، وكونها أم المؤمنين زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك، ويحتمل أنه قد نحلها ونحل غيرها من ولده، أو نحلها وهو يريد أن ينحل غيرها فأدركه الموت قبل ذلك، ويتعين حمل هديته على هذه الوجوه، لأن حمله على مثل محل النزاع منهي عنه، وأقل أحواله الكراهة، والظاهر من أبي بكر اجتناب المكروهات وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " فاشهد على هذا غيري " ليس بأمر، لأن أدنى أحوال الأمر الندب والاستحباب، ولا خلاف في كراهة هذا، وكيف يجوز أن يأمر بتأكيده (١) مع أمره برده وتسميته جوراً، وحمل الحديث على هذا حملٌ لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - على التناقض والتضاد. قال ابن قدامة: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه