للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم، فإن انقرض عقبه رجعت إلى المعْمرِ، فإن أطلق لم ترجع إليهم، بل إلى المعمر، فإن لم يكن المعمر موجوداً عادت إلى ورثته، وحاصل ما ذكر في العمرى أنها ثلاثة أنواع: إما أن تؤبد كقولك: لك ولعقبك، أو تطلق كقولك: هي لك عمري أو عمرك، وجمهور العلماء على صحة هذين النوعين وأن كلاً منهما هبة مؤبدة، وقال مالك إن أطلقها عادت إليه، وإن أبّدها كانت هبة مؤبّدة، والصورة الثالثة أن يشترط الواهب الرجوع إليه بعد موت المُعْمَرِ فالشرط نافذ صحيح عند جماعة من العلماء (١) منهم الزهري ومالك وداود وأحمد في رواية اختارها ابن تيميّة، وذهب الباقون إلى إلغاء الشرط ولزوم الهبة، واستدل المالكية على رجوع العمرى إلى صاحبها بعد وفاة المعمر بأدلة: منها: ما رواه مالك في " الموطأ " عن نافع أن حفصة كانت قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب دارها ما عاشت، فلما توفيت بنت (٢) زيد قبض عبد الله بن عمر المسكن ورأى أنّه له، والإِسكان معناه هنا العمرى، ومنها: القياس، قال الباجي (٣): ودليلنا من جهة القياس أن تعليق الملك بوقت معين يقتضي تمليك المنافع دون الرقبة لأن تعليق الملك يمنع ملك الرقبة. وأجابوا عن حديث الباب بأن معناه: إذا قال في العمرى هي لك ولعقبك، فإنها لمن وهبت له، لما جاء في رواية " الموطأ " عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذى يعطاها، لا ترجع إلى الذى أعطاها أبداً لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث " أخرجه مسلم، ومالك في " الموطأ " والأحاديث يفسر بعضها بعضاً. ثالثاً: أن البخاري ذكر في الترجمة " الرُّقبى " مع أنه ليس في الأحاديث التي أخرجها أي ذكر لها، ولكنه يرى أن العمرى والرقبى يرجعان إلى معنى واحد، وهو الهبة المؤبدة، كما


(١) " تيسير العلام " ج ٢.
(٢) " موطأ مالك ".
(٣) " شرح الباجي على الموطأ " ج ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>