للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبَوَيَّ، قَالَتْ وَأنَا حِينَئِذٍ أرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، َ فَأتَيْتُ أبوَيَّ فَقُلْتُ لأُمِّي: مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي على نَفْسِكِ الشَّأنَ، فَوَاللهِ لقَلَّمَا بهَانَتْ امْرَأة قَط وَضيئَةٌ عِنْدَ رَجُل يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إلَّا أكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا، قَالَتْ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى أصبَحْتُ لا يَرْقَأ لِي دَمْعٌ ولا أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

ــ

أي بما تكلموا به في عرضي. قالت عائشة: " فازددت مرضاً على مرضي " عندما علمت بما قذف الناس في عرضي، " فلما رجعت إلى بيتي دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم، فقال: كيف تيكم " أي كيف حال تلك يشير إلى عائشة، فسأل عنها بلهجة جافة فاترة، تختلف عن لهجته التي كان يتحدث بها سابقاً مع زوجته الحبيبة " فقلت ائذن لي إلى أبوي، قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر " أي وإنما ذهبت إلى بيت أبي لأتعرّف من أبوي على حقيقة ما دار حولي من حديث الإِفك " فقلت لأمي: ما يتحدث الناس به؟ فقالت: يا بنية هوّني على نفسك الشأن " أي فأرادت أمها " أم رُومَان " تسليتها والتخفيف عنها، فقالت لها: لا تهتمي بالإِشاعة كل هذا الاهتمام، ولا تحزني كل هذا الحزن، وخففي عن نفسك من همومها وأحزانها، فلست أوّل امرأة حسناء قيل عنها ما قيل، بل قلما كانت امرأة جميلة محبوبة عند زوجها لها ضرائر يغرن منها إلاّ تحدثن عنها بما تكره، وهو معنى قولها " لقلما كانت امرأة قط وضيئة " أي جميلة لا عند رجل يحبها، ولها ضرائر إلاّ أكثرن عليها " أي إلاّ أكثرن عليها الأحاديث بما يسيء إليها " فقلت: سبحان الله " تعجباً مما سمعت " قالت: فبت تلك الليلة لا يرقأ لي دمع " أي فبت تلك الليلة كلها أبكي لا يكف لي دمع وقضيتها كلها ساهرة، لا أذوق طعم النوم

<<  <  ج: ص:  >  >>