جَاءَ رَجُل إلى النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فاسْتَأذَنَهُ في الْجِهَادِ فَقَالَ:"أحَيٌّ وَالِدَاك؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:" فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ".
ــ
٨٧٢ - معنى الحديث: أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جاهمة ابن العباس بن مرداس جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في الجهاد، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبويه هل هما لا يزالان على قيد الحياة، قال: نعم " قال ففيهما فجاهد " الفاء الأولى واقعة في جواب شرط محذوف، والثانية جزائية لتضمن الكلام معنى الشرط، أي إذا كان الأمر كما قلت فاختص المجاهدة في خدمتهما، وفي رواية عنه أنه قال أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أستشيره في الجهاد، فقال:" ألك والدة؟ " قلت: نعم، قال:" اذهب فأكرمها " فإن الجنة تحت رجلها " أخرجه أحمد والنسائي: قال الصنعاني: سمّى إتعاب النفس في القيام بمصالح الأبوين وبذل المال في قضاء حوائجهما جهاداً من باب المشاكلة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه لا يجوز الجهاد إلّا بإذن الأبوين، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ففيهما فجاهد " حيث أمره بببرهما وجهاد النفس في القيام بخدمتهما وإرضائهما وطاعتهما، وأصرح منه في وجوب استئذانهما حديث أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له: " ارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلّا فبرهما " أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان.
قال الصنعاني (١): وذهب الجماهير من العلماء إلى أنّه يحرم الجهاد على الولد إذا منعه الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين، لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد، فإنه يقدم على طاعة الوالدين. ثانياً: