للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَيْصَر لَيَهْلَكَن، ثُم لا يَكُونُ قَيْصَر بَعْدَهُ، وَلتقْسَمَن كُنُوزُهُمَا في سَبِيل اللهِ" وسَمَّى الحَرْبَ خُدْعَةً.

ــ

٨٧٥ - "معنى الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بشر أصحابه باتساع نطاق الفتح الإسلامي شرقاً وغرباً حتى يفضى على دولتي الفرس والروم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " هلك كسرى، ثم لا يكون كسرى بعده " فعبر عنه بصيغة الماضي للدلالة على أن هلاكه في حكم الشيء الذي وقع وانتهى، وذلك لقرب وقوعه حيث هلك آخر ملوكهم في عهد الفاروق رضي الله عنه، أما القضاء على الامبراطورية الرومانية فأخبر عنه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " وقيصر ليهلكن " فعبر عنه بصيغة المضارع، لأن القضاء على الامبراطورية الرومانية في المشرق قد تم على مراحل، حيث أخذت تتقلص ولم يقض عليها نهائياً إِلا على يد السلطان المظفر محمد الفاتح عندما فتح القسططينية سنة ٨٥٧ هـ " وسمى الحرب " في غزوة الخندق " خدعة " ومعناه أن النصر فيها لا يعتمد على العدد والعدة بقدر ما يعتمد بعد الله على حسن التدبير والحيل الحربية.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: البشارة بزوال الدولة الفارسية في أقرب وقت، كما يدل عليه التعبير بصيغة الماضي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " هلك كسرى ". ثانياً: بشارته - صلى الله عليه وسلم - بزوال الامبراطورية الرومانية من المشرق بعد مدة من الزمن كما يدل عليه التعبير بصيغة المضارع في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " وقيصر ليهلكن " وهذا ما وقع بالفعل؛ لأنّ الدولة الرومانية أخذت تتقلص على يد الفاتحين شيئاً فشيئاً، فجلت عن بلاد الشام في عهد الفاروق رضي الله عنه، وتوالت الفتوحات حتى فتحت عمورية في عهد الخليفة العباسي المعتصم، ثم تمَّ القضاء عليها في الشرق نهائياً بفتح القسطنطينية على يد الخليفة المظفر محمد الفاتح. حيث غزاها بجيش يبلغ مائتين وخمسين ألفاً، وحاصرها بحراً

<<  <  ج: ص:  >  >>