شَارِفَايَ قدْ أجِبَّتْ أسْنِمتُهمَا، وبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وأُخِذَ مِنْ أكْبَادِهمَا فَلَم أمْلِكْ عَيْنَّي حِينَ رَأيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظرَ مِنهُما، فقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذا؟ فَقَالُوا: فَعَلَ حمزةُ بنُ عبدِ المطَّلِبِ: وهو في هَذَا الْبيتِ في شَرْبٍ من الأنْصَارِ، فانْطَلقْتُ حتى أدْخُلَ على النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعِنْدَهُ زيدُ بنُ حَارثَةَ، فَعَرَفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في وَجْهِي الَّذِي لَقِيْتُ، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ ما رَأيْتُ كاليْومِ قَطُّ، عدَا حَمْزَةُ على نَاقَتَيَّ فَجبَّ أسْنِمَتَهما، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُما، وهَا هُو ذَا في بَيْتٍ مَعه شَرْب، فدَعَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرِدَائهِ، فارْتَدَى، ثم انْطَلَقَ يَمْشِي، واتبَّعْتُهُ أنا وَزَيْدُ ابنُ حَارثَةَ حتى جاءَ الْبَيْتَ الذي فِيهِ حمزةُ، فاسْتَأذَنَ فأذِنُوا لهم، فَإذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَْسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حَمْزَةَ فيما فَعَلَْ، فَإذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً
ــ
أي أستعين بثمنه على شراء طعام العرس، " فبينا أنا أجمع لشارفي متاعاً من الأقتاب " جمع قتب وهو ما يوضع على ظهر البعير " والغرائر " أي الأكياس جمع غرارة بكسر الغين وهم ما يوضع فيه الشيء " رجعت حين جمعت ما جمعت، فإذا شارفاي قد أجِبَّتْ أسنمتهما " بضم الهمزة وكسر الجيم، وتشديد الباء، أي قطعت " وبقرت خواصرهما " أي شقت " فلم أملك عيني " أي فلم أستطع أن أمنع عيني عن البكاء " فقالوا: فعل حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار " بفتح الشين وسكون الراء أي جماعة يشربون الخمر " فقلت: يا رسول الله ما رأيت كاليوم قط أي ما رأيت أشد على نفسي منه " عدا حمزة على " أي اعتدى عليهما " فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه فارتدى، ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة، حتى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن فأذنوا لهم، فإذا هم شرب،