تَرَى ذَلِكَ كَائِنَاً يَا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: إيْ وَالَّذِي نَفْسُ أو هُرَيْرةَ بِيَدِهِ عَنْ قَوْلِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، قَالُوا: عَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: تُنْتَهَكَ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَشُدُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلُوبَ أهْل والذِّمَّةِ، فَيَمْنَعُونَ مَا فِي أيدِيهِمْ ".
ــ
درهماً" أي كيف تكون حالكم إذا انقطعت عنكم الأموال من جزية أو خراج. " فقيل له: وكيف ترى ذلك كائناً؟ " أي فقالوا متعجبين: وكيف تظن أن ذلك يمكن أن يكون، وأنت ترى أموال الخراج والجزية تتدفق على المسلمين من كل جانب، " قال: إي " بكسر الهمزة أي نعم يحدث هذا " والذي نفس أبي هريرة بيده عن قول الصادق المصدوق "، أي وأقسم بالله الذي روحي بيده أنني لم أقل ذلك من عندي وإنما أرويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصادق المصدوق فإنني سمعته منه، " قالوا: عم ذلك؟ " أي فما سبب انقطاع الجبايات المالية عن المسلمين، " قال: تنتهك ذمة الله وذمة رسوله " أي سببه أن المسلمين ينقضون عهد الله وعهد رسوله الذي يتعلق بحقوق أهل الذمة، ويعاملونهم بالظلم والعدوان، فيعاقبهم الله في الدنيا قبل الآخرة " فيشد الله قلوب أهل الذمة فيمنعون ما في أيديهم من الأموال " أي فيقوّي الله قلوب أهل الذمة على المسلمين، ويمنعون عنهم الأموال.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن لأهل الذمة حقوقاً يجب على إمام المسلمين رعايتها والمحافظة عليها وأن لهم عهداً وذمة يجب الوفاء بها، وهو ما يسمى عند الفقهاء "عقد الذمة " ومعناه أن يقر الحاكم أو نائبه بعض أهل الكتاب أو غيرهم على كفرهم بشرطين: الشرط الأول: أن يلتزموا بأحكام الإِسلام في الجملة، الشرط الثاني: أن يدفعوا