للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجماد، فضلاً عن الأجسام البشرية. " قال - صلى الله عليه وسلم -: إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً " أي أن نار الآخرة تزيد قوة حرارتها عن حرارة نار الدنيا بتسعة وستين جزءاً، " كلهن مثل حرها " أي كل جزء منها يعادل حرارة نار الدنيا كلها، ولهذا قال ابن عباس: لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها الآدميون لكانت جزءاً من أجزاء نار جهنم.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن نار جهنم تزيد طاقتها الحرارية على نار الدنيا بتسعة وستين ضعفاً، وأن نسبة الحرارة الموجودة في نار الدنيا كنسبة واحد إلى سبعين من نار الآخرة. ثانياًً: أن نار الدنيا مخلوقة من نار الآخرة، إلا أنها خُفِّفت عنها مرات كثيرة جداً، وفي هذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما، وقد سئل عن نار (١) الدنيا. قال: من نار الآخرة، غير أنها أُطفأت بالماء سبعين مرة، ولولا ذلك ما انتفع بها أحد.

أخرجه ابن عيينة. ثالثاً: أن النار مخلوقة الآن قال الزرقاني (٢): النار والجنة مخلوقتان الآن كما دلت عليه أحاديث كثيرة أصرحها قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلاّ دخلها ثم حفها بالمكاره، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال: يا رب، لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، فلما خلق الله النار قال: يا جبريل إذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فحفها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها فقال: أي رب في عزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلاّ دخلها " رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وصححه الحاكم عن أبي هريرة. والمطابقة:


(١) " شرح العيني على البخاري " ج ١٥.
(٢) " شرح الزرقاني على الموطأ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>