منه إلا بالالتجاء إلى الله، والاستجارة بسلطانه. " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الإِبهام والتي تليها " أي فتح اليوم من سد يأجوج ومأجوج الذي بناه ذو القرنين ليكون مانعاً لهما من غزو الشعوب المجاورة ثغرة صغيرة مثل الحلقة التي تُرى عند إيصال طرف السبابة بأصل الإِبهام، قال القسطلاني: والمراد بالتمثيل التقريب لا حقيقة التحديد، قالت زينب:" فقلت: أنهلك وفينا الصالحون " أي كيف يسلّط الله علينا هذه الشعوب المتوحشة فتهلكنا وتقضى علينا وفينا المؤمنون الصالحون، وكأنها أخذت ذلك من قوله تعالى:(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)" فقال - صلى الله عليه وسلم -: نعم إذا كثر الخبث " أي نعم يهلك العامة بفساد الخاصة، ولو كان فيهم الصالحون إذا انتشرت الفواحش، وفشت المنكرات، ولم ينكرها أحد، كما قال تعالى:(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً).
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: وجود يأجوج ومأجوج، واختراقهم للسد في آخر الزمان قرب الساعة. كما تحدَّث عنهم القرآن في سورة الكهف، وذكر أنهم شعوب مخربة حمى الله البشريّة من شرهم بذلك السد، وكما ورد ذكرهم في بعض الأحاديث الصحيحة كحديث الباب، وحديث النواس بن سمعان حيث قال فيه:" فبينما هو كذلك إذا أوحى الله تعالى إلى عيسى أني قد أخرجت عباداً لا يدان لأحد بقتالهم -أي لا يقدر أحد على حربهم- فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها.
ثم قال: ويحصر نبي الله عيسى حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار، فيرغب نبي الله، فيرسل الله عليهم النغف -أي الدود- فيصبحون فرسى -أي قتلى- كموت نفس واحدة " أخرجه مسلم.
وأرجح ما وصل إليه الباحثون في شأنهم أن يأجوج هم التتر ومأجوج هم المغول أي أنهما من هذين الشعبين وأصلهما من أب واحد يسمى " ترك "