للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزني (١) صاحب الشافعي أنهما عبارة عن معنى واحد" قال الحافظ: ولكل من القولين أدلة متعارضة، والذي عليه البخاري أن الإِسلام والإِيمان والدين عبارات مختلفة (٢) عن معنى واحد، والناظر في النصوص، يرى أنهما إذا اجتمعا افترقا كما في حديث جبريل هذا، وإذا افترقا اجتمعا فإذا ذكر الإِسلام وحده كان جامعاً لمعنى الإِسلام والإِيمان معاً، وإذا ذكر الإِيمان وحده كان جامعاً لمعنى الإِيمان والإِسلام معاً وهذا يدل على أنهما في الأصل اسمان لحقيقة واحدة كما ذهب إليه البخاري ويرى ابن حجر في ذلك رأياً وسطاً حيث يقول (٣): والذي يظهر من مجموع الأدلة أن لكل منهما حقيقة شرعية، لكن كل منهما مستلزم للآخر، بمعنى التكميل له، فكما أن العامل لا يكون مسلماً إلّا إذا اعتقد، فكذلك المعتقد لا يكون مؤمناً كاملاً إلاّ إذا عمل، وحيث يطلق الإيمان في موضع الإِسلام، أو الإِسلام في موضع الإيمان، أو يطلق أحدهما على إرادتهما معاً، فهو على سبيل المجاز ويتبين المراد بالسياق، فإن وردا معاً في مقام السؤال حملا على الحقيقة، وكان لكل منهما معنى خاصاً، وإن لم يردا معاً أو لم يكن في مقام سؤال أمكن الحمل على الحقيقة أو المجاز، بحسب ما يظهر من القرائن، قال: وقد حكي ذلك الإِسماعيلي عن أهل السنة والجماعة. خامساً: أن وقت قيام الساعة أمر غيْبي اختص الله بعلمه دون سواه، أما أمارات الساعة فإنها قسمان صغرى، وقد ذكر بعضها في هذا الحديث، وكبرى كالمهدي، والدجال، ونزول عيسى، وقد ذكرت في أحاديث أخرى. سادساً: من آداب العلماء أن لا يجيبَ العالم عما لا يعرفه، وأن يقول لا أدري، لأن العلم أمانة ومسؤولية، وليس التوقف عن الإِجابة نقيصة للعالم، بل هو فضيلة فيه اقتداءً بسيد المرسلين حيث قال: ما المسؤول عنها


(١) فتح الباري، ج ١.
(٢) شرح العيني، ج ١.
(٣) فتح الباري، ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>