للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيدِهَا هَكَذَا، وجَعَلَتْ تَغْرِفُ من الْمَاءِ في سِقَائِهَا، وهو يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاس: قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يَرْحَمُ اللهُ أمَّ إِسْمَاعِيلَ لوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ -أو قَالَ: لَوْ لَمْ تَغرِفْ مِنَ الْمَاءِ- لَكَانَت زَمْزُمُ عَيْنَاً مَعِيناً، قَالَ: فَشَرِبَتْ وأرضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَال لَهَا الْمَلَكُ: لا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتُ اللهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلامُ وأبوهُ، وِإنَّ الله لا يُضِيعُ أهْلَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعَاً مِنَ الأرْضِ كالرَّابِيَةِ تَأتِيهِ السُّيولُ، فَتَأخُذُ عن يَمِينهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حتى مَرَّتْ بِهِمْ

ــ

الصوت، ومن أين أَتى " ثم تسمّعت فسمعت أيضاً " الصوت مرة أخرى " فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث " يعني قد سمعت صوتك، فإن كان عندك ما يغيثني فأغثني، " فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوضه، وتقول بيدها هكذا " أي فصارت تحيطه بالتراب وتجعله حوضاً " لو تركت زمزم " ولم تحِّوضها " لصارت عيناً معيناً " أي عيناً جاريةً على وجه الأرض " فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة " أي لا تخافوا الضياع والهلاك لأنكم تحت رعاية الله تعالى " وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية " أي مرتفعاً قليلاً، ثم ذكر بقية الحديث أنه مرَّ بذلك المكان أو بالقرب منه جماعة مسافرون من جرهم مروا بأعلى مكة، فرأوا طيراً حائماً على الماء، فعرفوا أن بهذا الوادي ماء، وكان عهدهم به أنّه واد مقفر، فأرسلوا رسولاً من قبلهم، أو رسولين ليكشف لهم عن الحقيقة، فرجع إليهم رسلهم يخبرونهم عن وجود ماء في تلك البقعة، فأقبلوا على أم إسماعيل، واستأذنوا منها بالنزول في جوارها، فأذنت لهم بذلك، على أن لا يكون لهم حق التملك في ذلك الماء، وإنما لهم أن يشربوا منه فقط، وسكنت جرهم مكة منذ ذلك العهد، واستأنست بسكناهم معها، وشب الغلام في هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>