(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ويَرْحَمُ اللهُ لُوطاً، لقد كَانَ يَأوِي إلى رُكْن شَدِيدٍ، ولوْ لَبِثْتُ في السِّجْنِ طُوْلَ ما لَبِثَ يُوسُفُ لأجَبْتُ الدَّاعِيَ ".
ــ
أنه لما نزل قوله تعالى:(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى) قال بعض الناس: شك إبراهيم ولم يشك نبينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " نحن أحق بالشك من إبراهيم " أراد بذلك - صلى الله عليه وسلم - المبالغة في نفي الشك عن إبراهيم، أي إذا كنا نحن لا نشك في قدرة الله على إحياء الموتى، فإبراهيم أولى بعدم الشك، وإنما سأل إبراهيم ربه أن يريه كيف يحيي الموتى عياناً ومشاهدة ليطمئن قلبه كما قال:(وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أي ليجمع إلى العلم النظري العلم الحسي، لأنه أبلغ في اليقين، ثم تذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لوطاً عندما جاءه أضيافه فخاف عليهم من قومه فقال:(لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) فتعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله هذا وقال: " ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد " أي كيف يتمنى أن يجد معيناً وناصراً يحمي أضيافه من قومه، وقد كان يأوي إلى ركن شديد، وهو الله العزيز المقتدر ثم تحدث عن يوسف عليه السلام، فوصفه كما قال البغوي بالأناة والصبر حيث قال:(ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) فإنه أرادْ أن لا يخرج من السجن حتى تظهر براءته فقال - صلى الله عليه وسلم - في مدحه والثناء عليه: " ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي " أي لأسرعت إلى الإِجابة، قال ذلك إعجاباً بصبر يوسف وقوة عزيمته. وهو من باب تواضع العظماء الذين لا يزيدهم تواضعهم إلاّ رفعة وعلواً وإلا فهو - صلى الله عليه وسلم - المثل الأعلى في الصبر والثبات.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: نفي الشك عن
إبراهيم عليه السلام، ودفع ما توهمه بعض الناس من أن إبراهيم قال: (رَبِّ