على الخطأ، بل ينزل الوحي ببيانه كما في هذه القضية حيث قال عز وجل:(فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ) والمراد بالخطأ مخالفة الواقع ونفس الأمر، لا مخالفة الدليل والبينة الظاهرة، إذ لو كان الخطأ الاجتهادي هو مخالفة الظاهر لما كان صاحبه معذوراً ومأجوراً، كما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا اجتهد الحاكم وأخطأ فله أجر واحد. فإنّ من خالف الدليل الظاهر، وحكم بخلاف البينة الثابتة أثم ولا شك، وقد حكم داود وسليمان بحكمين متناقضين، فلا بد أن يكون أحدهما خطأ وهو حكم داود عليه السلام، والثاني صواب، وهو حكم سليمان عليه السلام كما قال تعالى:(فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ). ثانياً: مشروعية استعمال الحيل في الأحكام، فإن سليمان فعل ذلك، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما تحيلاً على إظهار الحق، ولم يعزم على ذلك في الباطن وإنما أراد استكشاف الأمر، فحصل على مقصوده، وظهر له من قرينة شفقة الصغرى وعدمها في الكبرى أنها الأم الحقيقية، ويحتمل أن تكون الكبرى اعترفت بالحق لمّا رأت الجد ودلالة القرائن على كذبها، فحكم عليها سليمان بإقرارها، والإِقرار سيّد الأدلة. ثالثاً: فضل سليمان عليه السلام في العلم والفقه ومعرفة الأحكام الذي اقتضى ثناء الله عليه بقوله تعالى: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ). رابعاً: أن سليمان هو ابن داود عليهما السلام لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " فخرجتا على سليمان ابن داود " وهو مطابق للآية الكريمة التي ترجم لها البخاري حيث قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ) الآية. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فخرجتا على سليمان بن داود ".