للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ" وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب: " كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم " أي كيف حالكم إذا نزل فيكم عيسى بن مريم في آخر الزمان، وأنتم تصلون، وإمامكم في الصلاة هو أميركم -المهدي- فيصلي عيسى خلف إمامكم، ويكون تابعاً لملتكم، حاكماً بشريعتكم، وفي حديث جابر: " فيقال لعيسى تقدم يا روح الله، فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم " أخرجه أحمد، وفي رواية مسلم: " فيقال له -أي لعيسى- صل لنا! فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة " وقال الهروي: معنى قوله: " وإمامكم منكم " يعني أنه يحكم بالقرآن لا بالإِنجيل.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ثبوت نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم " وكما يدل عليه قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا)، وهي قراءة الجمهور، وقرأ ابن عباس، وقتادة، وابن محيصن وغيرهم (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ) بفتح العين واللام بمعنى العلامة، أي إن نزول عيسى من الأشراط القريبة للساعة، والعلامات الكبرى لها، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ليوشكن أن ينزل ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية " أخرجه الشيخان فلا يقبل إلاّ الإِسلام وتظهر فيه الكنوز، وترتفع الشحناء (١) والبغضاء من النفوس، ويعم الأمن والسلام حتى يرعى الذئب مع الشاة فلا يضرها وتمتلىء الأرض سلماً، ويرتفع القتال منها، وتكثر الخيرات، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم وكذا الرمانة.

أما مكان نزوله ووقته، فقد اختلفت الروايات فيه، وهي بمجموعها تفيد بأنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، وهي موجودة اليوم، واضعاً كفيه على


(١) " الإشاعة لأشراط الساعة " للسيد محمد بن عبد الرسول الحسيني البرزنجي المدني ..

<<  <  ج: ص:  >  >>