للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وِإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ الْقَلْبُ".

ــ

يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه" أي ومن اجترأ على الشبهات فقد عرض نفسه للخطر، وأوشك على الوقوع في الحرام، مثله في ذلك مثل راع يرعى حول الأرض التي حماها الملك لنفسه، وجعلها خاصة له، فإن هذا الراعي قد تدخل ماشيته في الحمى، فيستحق عقوبة السلطان، كذلك من يتهاون بالشبهات، فإنه على خطر لأنّها ربما كانت حراماً فيقع فيه، وهناك معنى آخر، وهو أنه ربما تساهل في الشبهات فأدى به ذلك إلى الاستهتار واللامبالاة، فيقع في الحرام عمداً، فإن الشبهة تجر إلى الصغيرة. والصغيرة تجر إلى الكبيرة نسأل الله السلامة. " ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمي الله محارمه " أي وإن حمى الله هي المعاصي التي حرمها على عباده، فمن دخل حماه بارتكاب شيء من المعاصي هلك، ومن قاربه بفعل الشبهات كان على خطر، وقد قال الشاعر:

إنَّ السلامَةَ مِن لَيْلى وَجَارَتِهَا ... أن لَا تَمُرَّ بِنَا مِنْ حَوْلِ نَادِيْهَا

" ألا وإن في الجسد مضغة " أي قطعة لحم صغيرة بقدر ما يمضغ " إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب "

فكما أن القلب من الناحية الجسمية هو العضو الرئيس في الجسد، ومصدر الحياة فيه لارتباط حركة الدم به، فكذلك هو في نظر الإِسلام مصدر صلاح الإنسان وفساده من الناحية الروحية والدينية، وهو الموجه لسلوك الإِنسان وَأعماله من الأقوال والأفعال فمتى كان القلب سليماً من العقائد الخبيثة كالكفر والنفاق. والإِلحاد، ومن الأمراض النفسية كالكبر والاستعلاء والحقد والحسد والكراهية وغيرها، عامراً بالإِيمان والخوف من الله والحب في الله، صلحت

<<  <  ج: ص:  >  >>