للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إنما اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأرْضَ، ولم أبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، وقَالَ الَّذِي لَه الأرْضَ: إنَّمَا بِعْتُكَ الأرْضَ وما فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إلى رَجُل، فَقَالَ الَّذِي تحاكَمَا إلَيْهِ: ألَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أحَدُهُمَا: لِيَ غُلامٌ، وَقَالَ الآخَرُ: لِيَ جَارِيَةٌ، قَالَ: أنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ وأنفِقُوا على أنفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا".

ــ

عقاراً" أي أرضاً أو داراً " فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب " أي فوجد المشترى جرة في داخلها نقود وحلي وسبائك ذهبية " فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض " أي فذهب المشتري إلى البائع، ودفع الجرة إليه قائلاً خذ ذهبك. فإنني لا حق لي فيه، لأنني إنما اشتريت الأرض فقط، ولم أشتر منك هذا الذهب الذي وجدته فيها، فهو حقك " وقال الذي باع الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها " فكلُّ ما وجدته فيها من ذهب أو غيره فهو ملكك، ورزق ساقه الله إليك " فتحاكما إلى رجل " وهل هذا الرجل هو الحاكم الشرعي نفسه، أو رجل آخر، في هذا خلاف بين العلماء " فقال " لهما: " ألكما ولد، قال أحدهما: " وهو المشتري " لي غلام، وقال الآخر " وهو البائع " لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية " أي زوجوا ولد المشتري على بنت البائع " وأنفقوا على أنفسهما منه " أي وأنفقوا عليهما من هذا الكنز " وتصدقا منه " أي وتصدقا ببعضه.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: صلاح هذين الرجلين وورعهما وعفتهما وزهدهما في هذا الكنز النفيس الذي يتمثل في تدافعهما له، ومحاولة كل منهما التخلص منه، فهما نوع نادر من البشر. ثانياًً: قال الحافظ في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فتحاكما إلى رجل " ظاهره أنهما حكَّماه أي حكما رجلاً غير الحاكم الشرعي المنصوب من قبل ولي الأمر وعلى ذلك، فإن هذا الحديث يصلح

<<  <  ج: ص:  >  >>