وأفضلها في نظر الإِسلام. ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: " وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية " ومعناه أن أصلح الناس وأكفأهم لولاية الأمور من إمارة أو قضاء أو شرطة أو حسبة، أو غيرها أزهدهم فيها، وأشدهم كراهية لها، لأن شدة كراهيته للولاية تدل على شدة ورعه، وقوة شعوره بالمسؤولية " وتجدون شر الناس ذا الوجهين " أي أبغضهم إلى الله تعالى وأكثرهم ضرراً للمسلمين، وخطراً عليهم " المنافق " سواء كان منافقاً في العقيدة يظهر الإسلام ويبطن الكفر، أو منافقاً في سلوكه وأعماله يظهر المودة ويبطن الحقد والعداوة، كما قال تعالى في وصف هؤلاء المنافقين:(وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ).
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: فضل النسب إذا اقترن بالدين والصلاح والعلم في دين الله والفقه في شريعته، وهذا هو أعلى المقامات وأسماها بعد مقام النبوة والصحبة، فإن الناس في نظر الإِسلام تختلف مراتبهم ومقاماتهم (١) على حسب الترتيب الآتي. المرتبة الأولى: من جمع بين النسب والدين والصلاح والفقه في الشريعة، وهذا هو أعلى المقامات. المرتبة الثانية: من جمع بين الدين والصلاح والفقه وكان خامل النسب. المرتبة الثالثة: من جمع بين النسب والدين والصلاح ولم يكن فقيهاً. المرتبة الرابعة: من جمع بين الدين والصلاح، ولم يكن شريفاً ولا فقيهاً. المرتبة الخامسة: من جمع بين الإِسلام والنسب ولم يكن صالحاً ولا فقيهاً. المرتبة السادسة: من كان مسلماً فقط، ولا توجد فيه أي مزية من المزايا وهذا هو أدنى الدرجات. ثانياً: اعتبار الكفاءة
(١) لأنه دل على أن الناس يتفاضلون بحسب مناقبهم وفضائلهم الدينية والاجتماعية.