للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنور التجرد" وقال ابن حجر الهيتمي: الأولى حمل السمرة على الحمرة التي تخالط البياض، والعرب تطلق على من كان كذلك أنه أسمر لأن الحمرة إذا اشتدت حكت السمرة وشابهتها، أي أنه - صلى الله عليه وسلم - " كان أبيض مشرباً بحمرة حتى أنه لشدة حمرته يخيّل للناظر إليه أنّه أسمر اللون " والله أعلم. أما بقية صفاته الجسمية: فقد كان شعره - صلى الله عليه وسلم - أسود مسترسلاً ليس بشديد النعومة كشعور الأعاجم، ولا بالشديد الخشونة كشعور الأحباش، وإنما كان مسترسلاً فيه بعض التثني والتكسر، وتلك هي سمات الشَّعرِ العربي. وكان ناعم البشرة ذكي الرائحة كما قال أنس رضي الله عنه في وصفه: ما شممت عنبراً قط ولا مسكاً ولا شيئاً أطيب من ريح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليست هذه الرائحة الشذية صادرة عن الطيب الذي يتطيب به، وإنما هي رائحته الذاتية المنبعثة من جسده الشريف - صلى الله عليه وسلم - كما أفاده الشهاب الخفاجي. أما بقية صفاته التي لم تذكر في أحاديث الباب، أو في الأحاديث التي سقناها فهي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مشرق الصورة، مستدير الوجه في إشراقة البدر واستدارة القمر، وكان كما في حديث كعب: " إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر " وكان كما وصفه ابن أبي هالة: " يتلألأ تلألؤ القمر ليلة البدر، وكان - صلى الله عليه وسلم - واسع العينين شديد سواد الحدقة، أهدب الأجفان " أي كثير شعر الأجفان " أبلج الوجه " أي مشرق الوجه بالأنوار البهيّة " أزج الحاجبين (١)، كث اللحية. واسع الفم من غير إفراط " والعرب تتمدح بذلك، لدلالته على الفصاحة " يبلغ شعر رأسه شحمة أذنيه، ويتجاوزها إلى منكبيه " قال البراء بن عازب: " ما رأيت من ذي لمّة في حلة حمراء أحسن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وكان - صلى الله عليه وسلم - واسع الصدر عريض الظهر، غليظ الكتفين، بين كتفيه خاتم النبوة وهو غدة حمراء مثل بيضة النعامة، كما كان - صلى الله عليه وسلم - رحب الكفين، واسع القدمين ". " وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا افترّ ضاحكاً افترّ عن مثل سنا البرق، وعن مثل حب الغمام (٢)، وإذا تكلم رئي كالنور يخرج من ثناياه " أما صفاته الخلقية


(١) أي دقيق شعر الحاجبين.
(٢) أي ابتسم عن أسنان تشبه البرَد المتساقط عن السحاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>