للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكثير منهم في حروبهم الدامية وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه هذا الحديث على مسمعٍ من مروان بن الحكم " فقال مروان " وكأنه لم يفهم ما عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديثه هذا " غلمة " قال الكرماني: فعجب مروان من وقوع ذلك من غلمةٍ " فقال أبو هريرة إن شئت أن أسميهم بني فلان وبني فلان " أي إن أردت أن أذكر لك أسماءهم الصريحة وأسماء آبائهم، فعلت.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن هلاك كثير من الصحابة وآل بيته الأطهار في المعارك الدامية التي قام بها ضدهم الملوك الجبابرة من شباب قريش وعلى رأسهم يزيد بن معاوية الذي وقعت في عصره وقعة الحرّة واستباحة المدينة. ثانياًً: أن إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المآسي الدامية من علامات نبوته كما ترجم له البخاري، فقد أوحى تعالى بها إليه قبل وقوعها يقظة أو مناماً، وقد قتل في وقعة الحرة أكثر من سبعمائة (١) من وجوه قريش كما قتل من عامة الناس رجال ونساء أكثر من عشرة آلاف، وسبوا الذرية، واستباحوا الفروج، وأمروا بقتل كل من لم يبايع يزيداً، ودخلت طائفة بيت أبي سعيد الخدري فأخذوا ما فيه من المتاع، ولم يتعرضوا لعلي بن الحسين، لأن يزيد أوصاهم به، وفي " الموطأ " لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب أو الذئب فيقذي على بعض سوارى المسجد - أي يبول عليها، قال القاضي عياض، هذا قد جرى فإنها تركت أحسن ما كانت من حيث الدين والدنيا، وذكر الأخباريون أنه رحل عنها أكثر أهلها، وبقيت ثمارها للعوافي، وخلت مدة، ثم تراجعوا (٢) قال السمهودي: فالظاهر أن ما ذكره القاضي عياض هو الترك الأوّل وسببه كائنة (٣) الحرة، كما في حديث أبي هريرة. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله: "هلاك أمتي على يدي غلمة


(١) " الإشاعة لأشراط الساعة " للشريف محمد بن عبد الرسول الحسيني البرزنجي.
(٢) " الإشاعة لأشراط الساعة ".
(٣) أي وسبب هذا الخراب الذي أصاب المدينة هو وقعة الحرّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>