قبل أداء الشهادة، وتارة يشهدون ثم يحلفون لعدم مبالاتهم بالدين، الحديث أخرجه البخاري ومسلم.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: قال الحافظ: استدل بهذا الحديث على تعديل أهل القرون: الثلاثة، وإن تفاوتت منازلهم في الفضل، وهذا محمول على الغالب والأكثرية، فقد وجد فيمن بعد الصحابة من القرنين من وجدت فيه الصفات المذمومة، لكن بقلة. وقال القسطلاني: هذا صريح في أن الصحابة أفضل من التابعين، وأن التابعين أفضل من تابعي التابعين، وهذا مذهب الجمهور، وذهب ابن عبد البر إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة أفضل ممن كان من جملة الصحابة، وقد روى أبو أمامة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:" طوبى لمن رآني وآمن بي مرة، وطوبى سبع مرات لمن لم يرني وآمن بي " قال القسطلاني: والحق ما عليه الجمهور، لأن الصحبة لا يعدلها شيء. ثانياً: استدل به بعض أهل العلم على أن من الصفات الذميمة المبادرة إلى الشهادة وترويجها بالأيمان دون حاجة أو ضرورة وفي رواية أخرى للبخاري قال فيها " ثم إن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون " قال النووي: وهذا مخالف في الظاهر للحديث الآخر، " خير الشهود من يأتي بالشهادة قبل أن يسأل " والجمع بينهما إما بأن يحمل الذم على من بادر بالشهادة في حق من هو عالم بها قبل أن - يسألها صاحبها، ويكون المدح في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " خير الشهود من يأتي بالشهادة قبل أن يسأل " لمن كانت عنده شهادة لأحد لا يعلم بها، فيخبره ليستشهد به عند القاضي، وهو قول الجمهور، أو يحمل الذم على الشهادة الباطلة التي هي شهادة الزور، أما المبادرة إلى الشهادة الصحيحة من أجل إظهار الحق، وإعانة المظلوم، ودفع الظلم عنه، فإنها عمل صالح يؤجر ويثاب عليه صاحبه، والأحاديث يفسّر بعضها بعضاً، ولهذا قال الصنعاني في حديث عمران ابن حصين الذي جاء فيه:" ثم يكون قوم يشهدون ولا يستشهدون " إما أنه محمول على شهادة الزور حكاه