بقوله:" فإن يك من أمتي أحد منهم فعمر " الشك والتردد في وجودهم، كما قال الحافظ (١): فإن أمته أفضل الأمم وإذا وجد ذلك في غيرهم من الأمم المفضولة، فوجوده فيهم وهم خير الأمم أولى وأحرى، وإنما أورد هذه الجملة مورد التأكيد لا الترديد كما يقول الرجل إن يكن في صديق فإنه فلان، يريد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الصداقة. الحديث: أخرجه الشيخان.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكونه من أول الملهمين في هذه الأمة المحمدية كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب:" فإن يك من أمتي أحد منهم فعمر " لأن الله ألهم قلبه الصواب، وأجراه على لسانه، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنَّ الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه " أخرجه الترمذي وصححه، وكذلك رواه أحمد، ويؤيده ما جاء في الحديث عن عقبة بن عامر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب " أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب ورواه أيضاً أحمد في " مسنده " والحاكم في " مستدركه " والطبراني. ثانياً: أن الإِلهام موجود في البشر عامة، وفي هذه الأمة خاصة، قال الحافظ: إذا ثبت أن ذلك وجد في غيرهم فإمكان وجوده فيهم أولى. اهـ. ولا يختص الإِلهام بالأنبياء بل يكون لغيرهم، ولكن هناك فرق بين الأنبياء وغيرهم لأن إلهام الأنبياء وحي وتشريع إلهي، وحجة يستند إليها في الأحكام بخلاف إلهام غيرهم. والمطابقة: في قوله: " فإن يك من أمتي أحد منهم فعمر ".