للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة، فإنه يرى أنّهما يقعان عبادة وغير عبادة، ولذلك لم يوجب النية فيهما، فإنْ نوى صح الوضوء والغسل وأثيْبَ عليهما وإن لم ينو صح الوضوء والغسل، ولم يثب عليهما. فالفرق بين من نوى ومن لم ينو إنما هو في الأجر والثواب، فهذا يؤجر، وذاك لا يؤجر، هذا هو قول أبي حنيفة عن النية في الوسائل، والحاصل أن النية عند المالكية فرض في الوضوء والغسل والتيمم والصلاة والزكاة والصوم، وركن في الحج، وعند الشافعية فرض في الوضوء والغسل والصوم وشرط في الزكاة، وركن في التيمم والصلاة والحج (١) وعند الحنابلة شرط في الوضوء والغسل والتيمم والصلاة والزكاة والصوم، وركن في الحج، وعند الحنفية شرط في التيمم والصلاة والزكاة والصوم والحج، سنة في الوضوء والغسل (٢)، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: " وقال بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد: تشترط لإزالة النجاسة، وهذا القول شاذ، فإن إزالة النجاسة لا يشترط فيها عمل للعبد، بل تزول بالمطر النازل والنهر الجاري ونحو ذلك، فكيف تشترط لها النية، وأيضاً فإن إزالة النجاسة من باب التروك لا من باب الأعمال، ولهذا لو لم يخطر بباله في الصلاة أنه مجتنب النجاسة صحت صلاته إذا كان مجتنباً لها، ولهذا قال مالك وأحمد في المشهور عنه والشافعي في أحد قوليه: لو صلّى وعليه نجاسة لم يعلم بها إلّا بعد الصلاة لم يعد، لأنه من باب التروك (٣) ". ثانياً: أن الأعمال العادية كالأكل والشرب والنكاح تتحول بحسن النية وقصد القربة والتقوّي على طاعة الله بإعفاف النفس، وصيانتها عن المآثم إلى عبادة يثاب عليها، كما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - " وإنما لكل امرىء ما نوى " وكما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث


(١) فيض الإله للشيخ محمد أحمد الداه الشنقيطي.
(٢) فيض الإله للشيخ محمد أحمد الداه الشنقيطي.
(٣) رسالة ابن تيمية في شرح حديثاً " إنما الأعمال بالنيات "، طبع دار الجيل، بروت، مكتبة التراث الإسلامي، القاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>