قريش عن رحلته تلك الليلة من مكة إلى بيت المقدس، فكذبوه، وسخروا منه، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، وكان قد ذهب إليه بليل، فلم يستطع أن يحدد معالمه، ولكن الله أعانه على ذلك، فبعث إليه جبريل، فكشف له عنه، فصار يرى كل ما فيه، ويصفه لهم، كأنه حاضر بين يديه في تلك الساعة.
وقد روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" مر بي أبو جهل فقال: هل كان من شيء. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أسري بي الليلة إلى بيت المقدس قال أبو جهل: ثم أصبحت بين أظهرنا قال: نعم. قال: فإن دعوت قومك أتحدثهم بذلك، قال: نعم، قال: يا معشر كعب بن لؤي فانفضت إليه المجالس، فقال: حدث قومك بما حدثتني، فحدثهم، قال: فمن بين مُصَفِّقٍ ومن بين واضع يده على رأسه تعجباً، قالوا: أوتستطيع أن تنعت لنا المسجد: فكشف الله عنه، فوصفه لهم كما في حديث الباب حيث قال: " فجلا الله بيت المقدس " قال الحافظ: قيل معناه: كشف الحجب بيني وبينه حتى رأيته " فطفقت أخبرهم عن آياته " أي فبدأت أحدثهم عن علاماته المميزة له " وأنا أنظر إليه " أي أشاهده أمام عيني. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: إثبات الإسراء، وأنه كان يقظة لا مناماً، لأنه لو كان مناماً لما تعجبت منه قريش، ولا أنكرته. ثانياً: أن من المعجزات الظاهرة التي تضمنها هذا الحديث كشف الحجاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى رأى بيت المقدس، وتمكن من وصفه، كأنه ماثل بين يديه، وقد جاء في حديث أم سلمة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " فسألوني عن أشياء لم أتبينها، فكَرِبْتُ كرباً لم أكرب مثله قط، فرفع الله لي بيت المقدس أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلاّ نبأتهم به " قال الحافظ: ولا استحالة فيه، فقد أحضر عرش بلقيس في طرفة عين لسليمان، وفي حديث أم هانىء أنهم قالوا له: " كم باباً للمسجد؟ قال: ولم أكن عددتها، فجعلت أنظر إليها وأعدها باباً باباً ". والمطابقة: في