للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ في نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ من الْحَبْسِ عَنْهُمْ، أن سَيَظْهَرُ أمرُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ، وأخْبَرْتُهُمْ أخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ وعَرَضْتُ عَلَيهمْ الزَّادَ والْمَتَاعَ، فلَمْ يَرْزآنِي، ولم يَسأَلانِي إلَّا أن قَالَ: اخْفِ عَنَّا، فَسألتُهُ أن يَكْتُبَ لِي كتابَ أَمْنٍ، فأمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرةَ فَكَتَبَ في رُقْعَةٍ مِنْ أدِيمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَقِيَ الزُّبَيْرَ في رَكْبٍ مِنَ اْلمُسْلِمِينَ كَانُوا تُجَّاراً قَافِلينَ مِنَ

ــ

فرسي وعصيت الأزلام" أي فلم ألتفت إلى ما ظهر لي من الأزلام، بل ركبت فرسي وتبعت محمداً وصاحبه " حتى إذا سمعت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض " أي غاصت في الأرض " ثم زجرتها " أي صحت عليها بشدة " فنهضت، فلم تكد تخرج يديها " أي فقامت الفرس بعد محاولة شديدة حتى أنها كادت أن لا تستطيع إخراج يديها من الأرض " فلما استوت قائمة إذا لِأثر يديها عُثَان ساطع (١) في السماء " أي فلما اعتدلت الفرس، وقامت من سقطتها، رأيت لأثر يديها غباراً شديداً " مثل الدخان " يشبه الدخان في سواده " فناديتهم بالأمان " أي فأعطيتهم الأمان. " فوقفوا " أي فوثقوا بي ووقفوا وفي رواية: " فناديت القوم أنا سراقة بن مالك بن جعشم أنظروني (٢) أكلمكم، فوالله لا يأتيكم مني شيء تكرهونه ". اهـ. فوقفوا ينتظرونه، ليعرفوا ما عنده " ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي فتيقنت بعدما منعت عن الظفر بهم، أن محمداً رسول الله حقاً، وأن دينه سيعلو " وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني " أي فلم يأخذا مني شيئاً "فسألته


(١) أي مرتفع في الجو والعثان بضم العين وفتح الثاء الغبار.
(٢) أنظروني، أي انتظروني.

<<  <  ج: ص:  >  >>