أتَيْتُكَ أسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأيضاً واللهِ لَتَمَلُنَّهُ، قَالَ: فَإِنَّا قد اتَبّعْنَاهُ فلا نُحِبُّ أنْ نَدَعَهُ حتَّى نَنْظرُ إلى أي شَيْء يَصِيرُ شَأنُهُ، وقد أرَدْنَا أن تُسْلِفَنَا وَسْقاً أوْ وَسْقَيْنِ، فَقَالَ: نَعَمْ ارْهَنُوني، قَالُوا: أيُّ شَيْء تُرِيدُ؟ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وأنت أجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: فَارْهَنُونِي أبْنَاءكُمْ، قالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ، أحَدُهُمْ فَيُقَالُ رُهِنَ بوَسق (١) أو وَسْقَيْنِ؟ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، ولَكِنَّا نَرْهَنُك اللأمَةَ، فوَاعَدَهُ أن يأتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلاً، وَمَعَهُ أبو نَائِلَةَ، وَهُوَ أخُو كَعْب،
ــ
العداوة للنبي - صلى الله عليه وسلم - احتيالاً عليه، فأذن له - صلى الله عليه وسلم - بذلك، قال في الحديث " فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة " أي إن محمداً قد فرض علينا هذه الصدقة التي طلبها منا وسمّاها زكاة " وإنه قد عنانا " أي أثقل علينا " وإني أتيتك أستسلفك " أي جئتك لأشتري منك الطعام بالدَّين " قال: وأيضاً والله لتملَّنّهُ " أي فوجد كعب الفرصة سانحة للطعن في النبي - صلى الله عليه وسلم - والنيل منه فقال: والله لترين من محمد الشيء الكثير حتى تمله وتكرهه وتجزع منه " قال: فإنا قد ابتعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه " أي إننا ننتظر ما يكون من شأنه ونترقب ذلك " فقال: نعم ارهنوني " أي إذا أردتم أن أسلفكم، فادفعوا لي رهناً، وعرض عليهم أن يرهنوه نساءهم، فاعتذروا وقالوا كما في رواية ابن سعد: وأي امرأة تُمنَعَ منك لجمالك، ثم عرض عليهم أن يرهنوه أبناءهم، فاعتذروا بأن ذلك يسيء إلى سمعتهم، ويكون سبة وعاراً عليهم، وعرضوا عليه أن يرهنوه اللامة، وفسرها سفيان بأنها السلاح قال: نعم، وأرادوا بذلك أن لا ينكر عليهم إذا جاؤوه بالسلاح، ولا يشك فيهم