" أين السائل " فسأل عنه، واهتم به، وتوجه إليه، وهذا هو واجب العالم، فإن كان السؤال مما يمكن الإجابة عليه أجابه، وإلا أقنعه بكل لطف عن عدم إمكانية الإجابة عن سؤاله، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر العلماء أن يرحّبوا بطلاب العلم، لأنهم وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثانياً: من الأدب أن لا تسأل العالم ما دام مشغولاً بالحديث مع غيرك، فإذا سئل العالم أثناء حديثه مع الغير أخر الإجابة حتى ينتهي من حديثه لئلا تضيع الفائدة، هذا مع الرفق بالسائل إذا أخطأ في سؤاله، لأن الأعرابي قد أخطأ في سؤاله عن الساعة ولكنه - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخذه أو يعاتبه على سؤاله هذا، بل أجابه بما يمكن الإِجابة عليه، وهو بيان العلامات الدالة عليها، أو الدالة على الساعة الخاصة. ولم يعاتبه أيضاً على سؤاله أثناء حديثه، وإنما اكتفى بتأخير إجابته. ثالثاً: أنه لا حياء في السؤال عن العلم، والإِلحاح فيه وتكراره، لزيادة العلم، لأن السائل كرر السؤال بقوله: وكيف إضاعتها.
رابعاً: أن الولايات كلها من قضاء أو إمارة أو شرطة أو غيرها أمانة ومسؤولية يجب إسنادها إلى مستحقيها من ذوي الدين والأمانة والاختصاص، وإلا فسدت البلاد والعباد، وكان ذلك إيذاناً بانهيار الأمة، والقضاء عليها. خامساً: قال الحافظ: فيه إشارة إلى أن العلم سؤال وجواب، ومن ثَمَّ قيل: السؤال نصف العلم. والمطابقة: في قوله: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة، فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث أصحابه.