للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد دخل في تينك السنتين مثلما كان دخل في الإِسلام قبل ذلك أو أكثر، قال ابن هشام: والدليل على ما قاله الزهري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف، وقال ابن القيم: هذه الهدنة كانت من أعظم الفتوح، فإن الناس أمن بعضهم بعضاً، واختلط المسلمون بالكفار، وأسمعوهم القرآن، وناظروهم على الإِسلام جهرة آمنين، ولهذا سماه الله فتحاً مبيناً، وكان هذا الصلح في الصورة الظاهرة ضيماً وهضماً للمسلمين، وفي الباطن عزاً وفتحاً ونصراً، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى ما وراءه من الفتح العظيم والعز والنصر من وراء ستر رقيق. قال الندوي (١): ودلت الحوادث الأخيرة على أن صلح الحديبية الذي تنازل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبول كل ما ألحت عليه قريش كان فتح باب جديد لانتصار الإسلام وانتشاره في جزيرة العرب، وكان باباً إلى فتح مكة، ودعوة ملوك العالم كقيصر وكسرى والمقوقس والنجاشي وأمراء العرب كما كان من مكاسب هذا الصلح اعتراف قريش بمكانة المسلمين كفريق قوي كريم، تبرم معه المعاهدات، ثم كان من أفضل ثمار هذا الصلح الهدنة التي استراح فيها المسلمون من الحروب التي لا أوَّل لها ولا آخر، فاستطاعوا في هذه الفترة السلمية أن يقوموا بدعوة الإِسلام في جو من الهدوء والسكينة. ثانياً: معجزته - صلى الله عليه وسلم - الظاهرة التي تبدو لنا واضحةً في تواجد الماء في البئر بعد أن لم يبق منه شيءٌ. والمطابقة: في قوله: " ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية ".

...


(١) " السيرة النبوية " للندوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>