موضع بالمعلاة بالقرب من مقبرة مكة، وقد بني هناك مسجد يقال له مسجد الراية كما أفاده الحلبي في " السيرة "" وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء " بفتح الكاف، وهو عند الثنية العليا، " ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كُدى " بضم الكاف والقصر، أي من عند الثنية السفلى.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ذكر بعض الأحداث التي وقعت في غزوة الفتح، وغزوة الفتح كانت في رمضان سنة ثمان من الهجرة يناير ٦٣٠ م وسبب ذلك أنه بيت نفر من بني بكر خزاعة على ماء فأصابوا منهم رجالاً وتناوشوا واقتتلوا، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل معهم أشراف من قريش يستخفون ليلاً، وبذلك نقضت قريش العهد الذي بينها وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث حاربت حلفاءه، واعتدت عليهم، فخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فدخل عليه وأنشده أبياتاً ينشده فيها الحلف الذي بينهم وبينه ويخبره أن قريشاً نقضوا العهد ويسأله النصر والنجدة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: نصرت يا عمرو بن سالم فخير قريشاً أن يدفعوا دية قتلى خزاعة أو يبرأوا ممن نقض العهد، أو ينبذ إليهم على سواء الهدنة التي بينه وبينهم، فأجابه بعض زعمائهم، لكن ننبذ إليك على سواء، وبذلك برأت ذمته من قريش، وقامت عليهم الحجة، وقال - صلى الله عليه وسلم - حين بلغه الخبر:" لا نصرت إن لم أنصركم بما أنصر به نفسي " وأخذ - صلى الله عليه وسلم - يستعد سراً للزحف على مكة وخرج لليلتين خلتا من رمضان، وخرج أبو سفيان من مكة يصحبه حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الأخبار، فرآهم حرس النبي - صلى الله عليه وسلم -، وألقوا عليهم القبض وأخذوهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا، وعقد النبي - صلى الله عليه وسلم - الرايات بقديد، فأعطى لكل قبيلة لواءً ورايةً، وكانت راية النبي - صلى الله عليه وسلم - يحملها الزبير بن العوام، وهي سوداء، أما اللواء فقد كان أبيض اللون، وأوصى رؤساء الجيمش أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، ودخل - صلى الله عليه وسلم - من أسفل مكة، ودخل خالد من أعلاها، ولم يلق مقاومة