للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ بَلَدِكَ، فَأصْبَحَ بَلَدُكَ أحبَّ الْبِلادِ إِلَيَّ، وإن خَيْلَكَ أخَذَتْنِي، وَأنَا أرِيدُ الْعُمْرَةَ، فماذا تَرَى؟ فبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأمَرَهُ أنْ يَعْتَمِرَ، فلمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، قَالَ لَهُ قَائِل: صَبَوْتَ، قَالَ: لا وَاللهِ، وَلَكِنْ أسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ولا وَاللهِ لا يَأتِيَكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

ــ

شعوره نحو النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحو دينه الحنيف، ونحو بلده الحبيب المدينة المنورة، فقال: ما كان هناك وجه أكرهه مثل وجهك " فقد أصبح وجهك " أي فلما أسلمت أصبح وجهك " أحب الوجوه إليَّ " حيث تحول البغض والكراهية إلى محبة شديدة لا تعدلها أي محبة أخرى " والله ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليَّ " وهكذا عاطفة الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب " والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليَّ " لأن محبتي لك دفعتني إلى مزيد الحب لبلادك، وقد قال الشاعر:

دَارُ الحَبِيْبِ أحقُّ أن تهْوَاهَا ... وَتَحِنُّ مِنْ طَرَب إلَى ذِكْرَاهَا

ثم قال: " وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى " أي فهل تأذن لي في العمرة " فبشره " بغفران ذنوبه كلها، وبخيري الدنيا والآخرة " وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت " أي خرجت من دين إلى دين " قال: لا والله، ولكني أسلمت مع محمد رسول الله " أي ولكني تركت الدين الباطلَ ودخلت في دين الحق. " ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن بها رسول الله " أي حتى يأذن رسول الله في إرسالها إليكم، فانصرف إلى اليمامة، وكانت ريف مكة، فمنع الحنطة عنهم حتى جهدت قريش، وكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة، ففعل - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>