للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: " إنَّهُ لَمْ يُقْبَضُ نَبِي حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَير " فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أفَاقَ فأشْخَصَ بَصَرَهُ إلى سَقْفِ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ: " الفهُمَّ الرفِيقَ الأعْلَى " فَقُلْتُ: إِذَاً لا يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذي كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالَتْ: فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: " اللَّهُمَّ الَّرفِيقَ الأعلَى ".

ــ

١٠١٠ - معنى الحديث: تقول عائشة رضي الله عنها " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو صحيح " أي في حال صحته وسلامة جسمه " إنه لم يقبض نبي " أي لا يموت نبي " حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخيّر " بين البقاء في هذه الدنيا، والانتقال إلى الرفيق الأعلى " فلما نزل به " أي فلما صار في حال الاحتضار وأوشكت روحه أن تفيض إلى مولاها " غشي عليه " أي أغمي عليه " ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت " أي رفع بصره إلى سقف الحجرة، وثبت نظره إليه، وصار لا يطرف جفنه، ولا تتحرك عيناه " ثم قال: اللهم الرفيق الأعلى " أي أسألك الجنة ومرافقة عبادك الصالحين من الملائكة والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين " فقلت: إذن لا يختارنا (١) " أي فعلمت أنّه - صلى الله عليه وسلم - آثر الآخرة على الدنيا، وأنه خيّر فاختار كما كان يحدثنا.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن آخر ما تكلّم به - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يفارق الدنيا قوله " اللهم الرفيق الأعلى ". ثانياً: أنه - صلى الله عليه وسلم - خُيّر قبل وفاته كغيره من الأنبياء فاختار الانتقال إلى الدار الآخرة. والمطابقة: في قولها: فكانت آخر كلمة تكلم بها: اللهم الرفيق الأعلى. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي.


(١) أي لا يختار البقاء معنا في هذه الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>